ذكر الخبر عن السبب الذي كان أوجب اختلاف حالهما فيما ذكرت (قال أبو جعفر) قد ذكرنا قبل أن الرشيد جدد حين شخص إلى خراسان البيعة للمأمون على القواد الذين معه وأشهد من معه من القواد وسائر الناس وغيرهم أن جميع من معه من الجند مضمومون إلى المأمون وأن جميع ما معه من مال وسلاح وآلة وغير ذلك للمأمون فلما بلغ محمد بن هارون أن أباه قد اشتدت علته وأنه لمآبه بعث من يأتيه بخبره في كل يوم فأرسل بكر بن المعتمر وكتب معه كتبا وجعلها في قوائم صناديق منقورة ألبسها جلود البقر وقال لا يظهرن أمير المؤمنين ولا أحد ممن في عسكره على شئ من أمرك وما توجهت فيه ولا ما معك ولو قتلت حتى يموت أمير المؤمنين فإذا مات فادفع إلى كل رجل منهم كتابه فلما قدم بكر بن المعتمر طوس بلغ هارون قدومه فدعا به فسأله ما أقدمك قال بعثني محمد لاعلم له علم خبرك وآتيه به قال فهل معك كتاب قال لا فأمر بما معه ففتش فلم يصيبوا معه شيئا فهدده بالضرب فلم يقر بشئ فأمر به فحبس وقيد فلما كان في الليلة التي مات فيها هارون أمر الفضل بن الربيع أن يصير إلى محبس بكر بن المعتمر فيقرره فإن أقر وإلا ضرب عنقه فصار إليه فقرره فلم يقر بشئ ثم غشى على هارون فصاح النساء فأمسك الفضل عن قتله وصار إلى هارون ليحضره ثم أفاق هارون وهو ضعيف قد شغل عن بكر وعن غيره لحس الموت ثم غشى عليه غشية ظنوا أنها هي وارتفعت الضجة فبعث بكر بن المعتمر برقعة منه إلى الفضل بن الربيع مع عبد الله بن أبي نعيم يسأله أن لا تعجلوا بأمر ويعلمه أن معه أشياء يحتاجون إلى علمها وكان بكر محبوسا عند حسين الخادم فلما توفى هارون في الوقت الذي توفى فيه دعا الفضل بن الربيع ببكر عن ساعته فسأله عما عنده فأنكر أن يكون عنده شئ وخشي على نفسه من أن يكون هارون حيا حتى صح عنده موت هارون وأدخله عليه فأخبره أن عنده كتبا من أمير المؤمنين محمد وأنه لا يجوز له إخراجها وهو على حاله في قيوده وحبسه فامتنع حسين الخادم من إطلاقه حتى أطلقه الفضل فأتاهم بالكتب التي عنده وكانت في قوائم
(٥٤٥)