ابن علي فلما شخص المهدى من الموصل وصار بأرض الجزيرة لم يتلقه عبد الصمد ولا هيأ له نزولا ولا أصلح له قناطر فاضطغن ذلك عليه المهدى فلما لقيه تجهمه وأظهر له جفاء فبعث إليه عبد الصمد بألطاف لم يرضها فردها عليه وازداد عليه سخطا وأمر بأخذه بإقامة النزل له فتعبث في ذلك وتقنع ولم يزل يربى ما يكرهه إلى أن نزل حصن مسلمة فدعا به وجرى بينهما كلام أغلظ له فيه القول المهدى فرد عليه عبد الصمد ولم يحتمله فأمر بحبسه وعزله عن الجزيرة ولم يزل في حبسه في سفره ذلك وبعد أن رجع إلى أن رضى عنه وأقام له العباس بن محمد النزل حتى انتهى إلى حلب فأتته البشرى بها بقتل المقنع وبعث وهو بها عبد الجبار المحتسب لجلب من بتلك الناحية من الزنادقة ففعل وأتاه بهم وهو بدابق فقتل جماعة منهم وصلبهم وأتى بكتب من كتبهم فقطعت بالسكاكين ثم عرض بها جنده وأمر بالرحلة وأشخص جماعة من وافاه من أهل بيته مع ابنه هارون إلى الروم وشيع المهدى ابنه هارون حتى قطع الدرب وبلغ جيحان وارتاد بها المدينة التي تسمى المهدية وودع هارون على نهر جيحان فسار هارون حتى نزل رستاقا من رساتيق أرض الروم فيه قلعة يقال لها سمالو فأقام عليها ثمانيا وثلاثين ليلة وقد نصب عليها المجانيق حتى فتحها الله بعد تخريب لها وعطش وجوع أصاب أهلها وبعد قتل وجراحات كانت في المسلمين وكان فتحها على شروط شرطوها لأنفسهم لا يقتلوا ولا يرحلوا ولا يفرق بينهم فأعطوا ذلك فنزلوا ووفى لهم وقفل هارون بالمسلمين سالمين الامن كان أصيب منهم بها (وفى هذه السنة) وفى سفرته هذه صار المهدى إلى بيت المقدس فصلى فيه ومعه العباس بن محمد والفضل بن صالح وعلى ابن سليمان وخاله يزيد بن منصور (وفيها) عزل المهدى إبراهيم بن صالح عن فلسطين فسأله يزيد بن منصور حتى رده عليها (وفيها) ولى المهدى ابنه هارون المغرب كله وآذربيجان وأرمينية وجعل كاتبه على الخراج ثابت بن موسى وعلى رسائله يحيى بن خالد بن برمك (وفيها) عزل زفر بن عاصم عن الجزيرة وولى مكانه عبد الله بن صالح بن علي وكان المهدى نزل عليه في مسيره إلى بيت المقدس
(٣٧٧)