رحمكم الله فسكت الناس ثم رجع إلى القراءة أما بعد فإني كتبت كتابي هذا وأنا حي في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة وأنا أقرأ عليكم السلام وأسأل الله أن لا يفتنكم بعدي ولا يلبسكم شيعا ولا يذيق بعضكم بأس بعض يا بني هاشم ويا أهل خراسان ثم أخذ في وصيتهم بالمهدي وأذكارهم البيعة له وحضهم على القيام بدولته والوفاء بعهده إلى آخر الكتاب * قال النوفلي قال أبى وكان هذا شيئا وضعه الربيع ثم نظر في وجوه الناس فدنا من الهاشميين فتناول يد الحسن بن زيد فقال قم يا أبا محمد فبايع فقام معه الحسن فانتهى به الربيع إلى موسى فأجلسه بين يديه فتناول الحسن يد موسى ثم التفت إلى الناس فقال يا أيها الناس إن أمير المؤمنين المنصور كان ضربني واصطفى مالي فكلمه المهدى فرضى عنى وكلمه في رد مالي على فأبى ذلك فأخلفه المهدى من ماله وأضعفه مكان كل علق علقين فمن أولى بأن يبايع لأمير المؤمنين بصدر منشرح ونفس طيبة وقلب ناصح منى ثم بايع موسى للمهدى ثم مسح على يده ثم جاء الربيع إلى محمد بن عون فقدمه للسن فبايع ثم جاء الربيع إلى فأنهضني فكنت الثالث وبايع الناس فلما فرغ دخل المضارب فمكث هنيهة ثم خرج إلينا معشر الهاشميين فقال انهضوا فنهضنا معه جميعا وكنا جماعة كثيرة من أهل العراق وأهل مكة والمدينة ممن حضر الحج فدخلنا فإذا نحن بالمنصور على سريره في أكفانه مكشوف الوجه فحملناه حتى آتينا به مكة ثلاثة أميال فكأني أنظر إليه أدنو من قائمة سريره نحمله فتحرك الريح فتطير شعر صدغيه وذلك أنه كان قد وقر شعره للحلق وقد نصل خضابه حتى أتينا به حفرته فدليناه فيها قال وسمعت أبي يقول كان أول شئ ارتفع به علي بن عيسى بن ماهان أنه لما كان الليلة التي مات فيها أبو جعفر أرادوا عيسى بن موسى على بيعة مجددة للمهدى وكان القائم بذلك الربيع فأبى عيسى بن موسى فأقبل القواد الذين حضروا يقربون ويتباعدون فنهض علي بن عيسى بن ماهان فاستل سيفه ثم جاء إليه فقال والله ليبايعن أو لأضربن عنقك فلما رأى ذلك عيسى بايع وبايع الناس بعده (وذكر) عيسى بن محمد أن موسى بن هارون حدثه أن
(٣٤٩)