قال فدعا بالمتولى لا صلاح المنازل فقال له ألم آمرك ألا يدخل المنزل أحد من الدعار قال يا أمير المؤمنين والله ما دخلها أحد منذ فرغ منها فقال اقرأ ما في صدر البيت مكتوبا قال ما أرى شيئا يا أمير المؤمنين قال فدعا برئيس الحجبة فقال اقرأ ما على صدر البيت مكتوبا قال ما أرى على صدر البيت شيئا فأملى البيتين فكتبا عنه فالتفت إلى حاجبه فقال اقرأ لي آية من كتاب الله جل وعز تشوقني إلى الله عز وجل فتلا (بسم الله الرحمن الرحيم) وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فأمر بفكيه فوجئا وقال ما وجدت شيئا تقرأه غير هذه الآية فقال يا أمير المؤمنين محى القرآن من قلبي غير هذه الآية فأمر بالرحيل عن ذلك المنزل تطيرا مما كان وركب فرسا فلما كان في الوادي الذي يقال له سقر وكان آخر منزل بطريق مكة كبابه الفرس فدق ظهره ومات فدفن ببئر ميمون وذكر عن محمد بن عبد الله مولى بني هاشم قال أخبرني رجل من العلماء وأهل الأدب قال هتف بأبي جعفر هاتف من قصره بالمدينة فسمعه يقول:
أما ورب السكون والحرك * إن المنايا كثيرة الشرك عليك يا نفس إن أسأت وإن * أحسنت بالقصد كل ذاك لك ما اختلف الليل والنهار ولا * دارت نجوم السماء في الفلك إلا بنقل السلطان عن ملك * إذا انقضى ملكه إلى ملك حتى يصيرانه إلى ملك * ما عز سلطانه بمشترك ذاك بديع السماء والأرض والمرسى * الجبال المسخر الفلك فقال أبو جعفر هذا والله أو ان أجلى * وذكر عبد الله بن عبيد الله أن عبد العزيز بن مسلم حدثه أنه قال دخلت على المنصور يوما أسلم عليه فإذا هو باهت لا يحير جوابا فوثبت لما أرى منه أريد الانصراف عنه فقال لي بعد ساعة إني رأيت فيما يرى النائم كأن رجلا ينشدني هذه الأبيات:
أأخي أخفض من مناكا * فكأن يومك قد أتاكا ولقد أراك الدهر من * تصريفه ما قد أراكا