ومن هنا وقع خبط في كلام المتأخرين، وربما مال بعض متأخريهم إلى دعوى ما سمعته في الحيوان من أصالة الدلالة في التصرف حتى يعلم العدم، جمعا بين ما دل على السقوط به وبين خبر الامداد (1) ونحوه مما يقضي بعدم السقوط به، إلا أن الجميع كما ترى، مناف لاطلاق الفتاوى ومعقد بعض الاجماعات السابقة، وما ذكروه في مسقطات الخيار من عد التصرف قسما آخر مقابلا للرضا، وليس في قوله عليه السلام " فذلك رضا منه " ظهور في أن السقوط بالتصرف للدلالة، خصوصا مع ملاحظة كون الفاء فيه رابطة للشرط لا تعليلية، وإن بيان الدلالة ليس وظيفة الشارع، لاختلافه باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال، فيمكن إرادة قيامه مقام الرضا في الاسقاط، بل يمكن دعوى أنه المنساق من أمثاله، أو إرادة أنه بعد إقدامه على المسقط شرعا وفعله فهو رضا منه بالالتزام إذا كان عالما بأنه مسقط متنبه له، وكان الاطلاق لغبلة العلم بالحكم الشرعي، وعدم معذورية الجاهل وندرة الغفلة والسهو، فالقول بأنه مسقط تعبدا مطلقا لا يخلو من قوة، وتعديته لغير الحيوان بالاجماع المحكي عن الخلاف إن لم يكن المحصل، وظهور عدم إرادة خصوص المورد في الصحيح (2) وغيره وحينئذ لا ينبغي التوقف فيه هنا، بل ولا في سقوط خيار البايع بالتصرف في الثمن كما صرح به جماعة وعلم من رأى الباقين لذلك، ولعدم الفرق بين العوضين، وخبر أبي الجارود (3) - القاضي بعدم سقوط خيار البايع في التصرف بالثمن في خيار الرد - محمول على ما عرفت سابقا من كون التصرف فيه قبل تحقق الخيار، لأنه إنما يحصل بعد الرد كما عرفته سابقا، والمدار حينئذ على صدق الحدث فيه ناقلا كان أو غير ناقل.
نعم قد يتوقف في الحدث فيه خطا - بل أو غفلة أو نسيانا أن فيه الخيار أو