وإنما يجوز (1) " بساير " الدمشقية والبصرية، فقال: وما الرفقة؟ فقلت: القوم يترافقون ويجتمعون للخروج فإذا عجلوا فربما لم نقدر على الدمشقية والبصرية، فبعثنا بالغلة فصرفوا ألفا وخمسمائة درهم منها بألف من الدمشقية والبصرية، فقال: لا خير في هذا، فلا يجعلون معها ذهبا لمكان زيادتها، فقلت له: أشتري ألف درهم ودينارا بألفي درهم فقال لا بأس بذلك إن أبي كان أجرأ على أهل المدينة مني، وكأن يقول: هذا، فيقولون:
إنما هذا الفرار، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار، وكأن يقول لهم: نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال ".
في صحيحه الآخر (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: كان محمد بن المنكدر يقول لأبي جعفر عليه السلام: يا أبا جعفر رحمك الله والله إنا لنعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف ثمانية عشر فدرت المدينة على أن تجد من يعطيك عشرين ما وجدته، وما هذا إلا فرار، وكان أبي عليه السلام يقول: صدقت والله ولكنه فرار من باطل إلى حق " وفي الصحيح الآخر (3) عن أبي عبد الله عليه السلام " لا بأس بألف درهم ودرهم، بألف درهم ودينارين إذا دخل فيها ديناران أو أقل أو أكثر فلا بأس " إلى غير ذلك من النصوص الدالة على المطلوب.
وربما ظهر منها ما ذكره غير واحد من الأصحاب، بل نسبه إليهم غير واحد، مشعرا بدعوى الاجماع عليه، من صرف كل من الجنس إلى المخالف، كما أن الزيادة تنصرف إليه إذا كانت في أحدهما، ومقتضاه حينئذ الصحة فيما لو باع مد تمر ودرهما بمدين، أو بدرهمين، أو بمدين ودرهمين ثم تلف الدرهم أو المد قبل قبضه، فيصح البيع في الأول بمد أو درهم، وفي الأخير بمدين أو درهمين، لانفساخ البيع شرعا فيما يقابل الزيادة أو الجنس المخالف، وإن لم يكن هو مقتضى المقابلة عرفا، وهو الذي مال إليه المحقق الثاني، والشهيد الثاني إذا كان كل من العوضين مشتملا على جنسين.