يقضي بعدم جواز البيع بالاعتبار الأصلي، بعد أن كان المتعارف غيره، ضرورة حصولهما به بعد نسخ الأصل ورفضه، وإن كان قد لوحظ في ابتداء التعارف حتى يصح البيع.
ومنه يعلم أنه لا يجوز بيع ما كان المتعارف كيله بالوزن حال تعارف كيله وبالعكس ضرورة حصول الجهالة والغرر بذلك، إذ الوزن لمتعارف الكيل مثلا كالمكيال المجهول وكالوزن بصخرة مجهولة، ودعوى أصالة الوزن للكيل قد عرفت المراد بها، وعدم ثبوتها على وجه يجدي.
فتحصل أن الأقوى اعتبار التعارف في ذلك، وهو مختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، ولا فرق في ذلك بين البيع بالجنس وغيره، فالموزون الذي كان يتعارف كيله في السابق يجري فيه الربا باعتبار الوزن لعدم صحة بيعه كيلا على ما ذكرنا، وكذا المكيل، والتساوي والتفاضل المذكور في الأدلة ينصرف إلى ما تعارف من الاعتبار لذلك البيع، كما هو واضح.
اللهم إلا أن يقال: إنه بالنسبة إلى رفع الربا يعتبر التساوي بالمعيار الأصلي، وإن كان لا يباع إلا بالوزن فيعتبر مساواته مثلا بالكيل ليسلم من الربا ثم يوزن إذا أريد بيعه، وإن حصل التفاضل فيه، ولكن مقتضى ذلك أن التساوي في الوزن المتعارف لا يكفي، والتفاضل فيه بعد التساوي في الكيل لا يقدح، والتزامه في غاية الصعوبة، وليس في الأدلة ما يشهد له، والاجماع السابق من التنقيح إنما هو في جريان الربا على المعتبر أصلا وإن تعارف جزافيته، وعدمه وإن تعارف اعتباره، فليس حينئذ إلا ما ذكرناه فتأمل جيدا.
ولو فرض تعارف الكيل والوزن فيه جاز البيع بكل منهما مع التساوي فيه، و إن اختلف في التقدير الآخر، ومن ذلك يعلم أن الأقوى في موضوع مسألة المتن عدم الجواز بالكيل وبالوزن، لاستلزام كل منهما تقدير أحدهما بغير المتعارف في تقديره، وتعارف كيل الأصل أو وزنه غير مجد في الفرع بعد فرض حصول التعارف فيه على