وسلم في شئ الكيل لم يجز إلا كيلا في ساير البلاد، وما كانت فيه وزنا لم يجز فيه إلا وزنا بلا خلاف في ذلك كله، قيل: وظاهره بين المسلمين واحتمل في جامع المقاصد في ذلك ثلاثة احتمالات.
الأول - الجواز مطلقا لاندفاع الغرر والجهالة بذلك، واعتبار الشارع له بالكيل مثلا لا يقضي بعدم حصول العلم بدونه، مضافا إلى أصالة صحة البيع، ثم أجاب عما لعله يورد هنا من منع بيعه بجنسه كذلك، بأن ذلك إنما هو لأجل الحذر من التفاوت، لا لحصول الجهالة، الثاني - عدم الجواز مطلقا، لأن كلا من المعيارين بالإضافة إلى ما علم بالآخر غير محصل للعلم بالمقدار فلا يندفع به الغرر، ثم قال: وفيه منع الثالث - التفصيل بجواز بيع المكيل موزونا دون العكس، قال: ويظهر من التذكرة اختياره، و المستند فيه أن الوزن أصل للكيل، ولم يثبت مرادهم منه، فإن أرادوا أن الكيل طار على الوزن فغير واضح، لأن المفروض أن المكيل لم يكن موزونا، وإن أرادوا أن الوزن أدل على المقدار، فغير ظاهر أيضا، لأن مقدار معيار الكيل إنما هو باعتبار حجمه لا باعتبار ثقله وخفته، وإن أرادوا أغلبيته في أكثر الأشياء، فيكون الأصل بمعنى الراجح، فشرعا غير معلوم، والعرف لا يرجع إليه فيما ثبت حكمه شرعا، هذا كله في غير البيع بالجنس.
أما فيه فقد صرح غير واحد بوجوب ذلك الاعتبار فيه فلا يباع المكيل بجنسه إلا مكيلا، وكذا الموزون، وإن قلنا بالجواز في غيره، بل قيل إنه مجمع عليه في الظاهر، قال في التذكرة: " ما أصله الكيل يجوز بيعه وزنا سلفا ومعجلا، ولا يجوز بيعه بمثله وزنا، لأن الفرض في السلف والمعجل تعيين الجنس ومعرفة المقدار، وهو يحصل بهما، والفرض المساواة فاختص المنع في بعضه ببعض به.
وفي المختلف " قال ابن إدريس: يجوز أن يسلف في المكيل من الحبوب و الأدهان وزنا في الموزون كيلا إذا كان يمكن كيله، ولا يتجافى في المكيال، ولا يجوز بيع الجنس الواحد فيما يجري فيه الربا بعضه ببعض وزنا إذا كان أصله الكيل، و