ولذا صرح بها هنا غير واحد من الأصحاب، بل في الغنية الاجماع عليها، وهو دليل آخر على المطلوب، فالاستدلال - بصحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام (1) الذي رواه محمد بن سنان عنه أيضا " قال: ما كان من طعام مختلف أو متاع شئ من الأشياء متفاضل، فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد، فأما نظرة فلا يصلح ".
ونحوه خبر زياد بن أبي غياث (2) إلا أنه قال: " فأما النسيئة فلا يصلح " - لا يخفى عليك ما فيه خصوصا، بعد معلومية ما دل على اعتبار اتحاد الجنس في تحقق الربا إن أريد بعدم الجواز هنا للربا، كما هو الظاهر استبعادا لإرادة التعبدية دون الربوية ولأنه الظاهر مما ذكر دليلا لهم أيضا، وهو الحديث المشهور (3)، " إنما الربا في النسيئة " الممنوع إرادة الشمول لما نحن فيه منه، الموهون بمتروكية الحصر فيه، على أن من المعلوم عدم إرادة مطلق الزيادة من الربا فيه، بل المراد بالشرائط المعتبرة، ومن جملتها عند علمائنا كما في المختلف اتحاد الجنس الذي صرحت به الصحيحة المتقدمة كل ذا، مع احتمال وروده كالنصوص السابقة مورد التقية، لكون المنع مذهب العامة، كما يلوح من الغنية، ويؤيده مصير الإسكافي، وقد ظهر لك من ذلك كله وجه ما ذكر المصنف من الاحتياط، وغيره من الكراهة، ولو من جهة الشبهة الناشئة من أدلة المنع المزبور سيما مع صحة بعضها، واحتمال إرادة الحرمة من نفي الصلاحية، إما من حيث الصيغة كما ادعاه بعض الناس، أو من حيث غلبة التعبير به وبلفظ الكراهة عن الحرمة في باب الربا مؤيدا ذلك بفتوى من عرفت.
لكن في الرياض " أن المستفاد من النصوص المزبورة المنع في خصوص الزيادة العينية، لا الحاصلة بمجرد النسيئة ونحوهما من الزيادات الحكمية، فالفتوى بانسحاب