- إلى أن قال -: فقال: نعم، ولكن لا تعلم به أهلك فيتخذونه سنة، فيبطل قول الله تعالى: والمستغفرين بالأسحار) وإن كان لا صراحة فيهما بكون الاستغفار الصلاة، لأن حمل المشتق على المشتق لا يقتضي حمل المبدأ على المبدأ، لكن الظاهر أن وجه تفسير المستغفرين بالمصلين مصاحبة الاستغفار للصلاة، لوقوعه فيها أو عقيبها، لعدم وقوع الاستغفار بالسحر ممن لا يصلي فيه غالبا، فإن الناس يقومون بالأسحار للصلاة، ويقع الاستغفار منهم تبعا للصلاة، وهذا المقدار كاف في المطلوب.
فلا بأس حينئذ بإرادة المعنى الحقيقي من لفظ الاستغفار في الآيتين كما هو مختار أكثر المتأخرين من أئمة التفسير كالزمخشري والرازي والنيشابوري وغيرهم على ما قيل، للأصل والأخبار المستفيضة، كصحيح معاوية بن عمار (1) وموثق أبي بصير (2) والمرسلين عن هداية الصدوق (3) ومجمع البيان (4) وغيرها، وقد ذكرنا في أول البحث عن صلاة الليل استحبابه في نفسه بالسحر من دون الوتر، وإن كان هو فيه له فضل آخر، بل الظاهر استحبابه في جميع الأوقات، فإن من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة، وما علم الله العباد الاستغفار إلا هو يريد أن يغفر لهم كذا في الحديث (5) وفيه (إن للقلوب صداء كصداء النحاس فاجلوها بالاستغفار) (6) (وإذا كثر العبد الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلألأ) (7) ويتأكد في الأسحار كما عرفت، وفي ليالي الجمع طول الليل (8) وفي كل يوم مائة مرة أو سبعين فهو غفران سبعمائة (9)، وفي