لكن الأخير وسابقه كما ترى لا دلالة فيهما على الراتبة، بل ما في صحيح زرارة يدل على أن ذلك من التي ليست صلاة الضحى أيضا، كما أن كون أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين مسافرا ولم يعلم نية الإقامة منه شاهد آخر على أن الأربعة ليست من نوافل الزوال أيضا، بل لعل ما في صحيح زرارة من اعتداد النبي (صلى الله عليه وآله) بالأربعة من نافلة الزوال محمول على يوم الجمعة أو الاستغناء بها عنها لبعض العوارض، لا أنها هي مقدمة بقرينة ظهور لفظ (كان) فيه في الاستمرار الذي يشهد باقي النصوص المتضمنة لفعله (صلى الله عليه وآله) بخلافه، على أنه لا ريب في مرجوحيته على تقدير جوازه، ولا يستمر عليه، وخبر عبد الأعلى يحمل إن لم يكن ظاهره على إرادة القضاء كما يشهد له ما حكاه من فعل علي بن الحسين (عليهما السلام)، إذ احتمال إرادة مطلق الفعل من القضاء بعيد ولا داعي إليه، ومنه حينئذ يعلم أن مرادهم (عليهم السلام) في التشبيه لها بالهدية بيان الحكمة في قضائها، أو بيان صلاحية مطلق الوقت لماهية النافلة، لا أن صاحبة الوقت منها تقدم على وقتها لذلك، وأخبار ابني يزيد وعذافر وعلي بن جعفر (عليهما السلام) لا تأبى الحمل على ذلك، ضرورة عدم صراحتها بل ولا ظهورها في الرواتب، خصوصا الأول والثالث، وإلا لجاز فعل الراتبة في كل وقت حتى الليل، وهو معلوم البطلان، وخبر ابن مسلم محمول على ما عرفت أيضا من إرادة صلاة مقدار الراتبة إذا علم اشتغاله عنها في وقتها عوضا عنها، كما يشعر به لفظ (من) في خبر ابن جابر، بناء على إرادة البدلية منها، بل الظاهر إرادة فعل هذا المقدار من النافلة المطلقة التي يستحب للانسان في كل وقت فعلها من البدلية، لا أنه بدل مشروع بالخصوص بحيث لا يصح معه الاتيان بالمبدل عنه إذا اتفق ارتفاع المانع مثلا، ضرورة كون المراد ما في أيدي الناس من الاشتغال بطاعة عند فوات طاعة أخرى، فالبدلية فيها عرفية لا شرعية، ولهذه المناسبة مع التماثل في الصورة سميت نافلة زوال مقدمة.
(١٨٥)