أو مسمى الجريان وإن لم يكن من ميزاب ونحوه، بل كان كجريان ماء أعضاء الطهارة، وإن كان الأول من هذه الثلاثة محتملا لإرادة المثالية من الميزاب، بل ولإرادة الحكمي من الجريان، أي يعتبر بلوغ المطر حدا يجري من الميزاب ونحوه وإن لم يجر منهما، أو حد الجريان مطلقا وإن لم يجر أصلا، بناء على جعل الميزاب مثالا لأصل الكثرة.
ثم إنه هل يختص الحكم بالجاري حقيقة أو حكما أو يثبت لمطلق ماء المطر بمجرد جريانه كذلك في بعض المواضع؟ وجهان، لم أعثر على من نص على أحدهما، كما أنه بناء على اعتبار التقدير لم ينصوا على أنه هل يعتبر الأرض بأن تكون مثلا وسطا في الصلابة والرخاوة، فلا تكون صخرا ينحدر عنه الماء سريعا ولا رملا يغور فيه، وكذلك بالنسبة إلى استوائها وانحدارها، إلا أنه ظهر لك كون الأقوال ستة أو سبعة أو أزيد، بناء على عدم رجوع بعضها إلى بعض، بل لعل ما استظهر من العلامة من اعتبار الكرية هنا كما أعتبرها في غيره من أفراد الجاري يكون قولا آخرا، لكن المحكي عنه في المنتهى والتحرير ونهاية الإحكام والتذكرة أن ماء المطر كالجاري البالغ كرا وإن لم يبلغه هو، بل هو محتمل عبارته في القواعد أيضا، بل قد يؤيده استبعاد اعتبارها من مثل العلامة، لمنافاته للأدلة أولا، وسماجته ثانيا، إذ لم يعلم اعتبارها في الموجود بالسحاب أو في الواقع على الأرض أو ما بينهما، وعلى الثاني فهل المدار على اجتماع ذلك في مكان خاص، أو يكفي تقديره بالنسبة إلى تمام الواقع عليها، إلى غير ذلك من الأمور المستبعد التزامها جدا، ولعله لذا حكي عن المجمع دعوى الاجماع على عدم اشتراط الكرية هنا.
وكيف كان فالمشهور هو الأقوى، للأصل والعمومات وظاهر الكتاب معتضدا بفتوى المعظم، بل عدم ثبوت المخالف الناص كما سمعت، بل في حاشية المدارك للأستاذ قيل: لا خلاف في عدم انفعاله حال تقاطره، بل قد يشهد له استبعاد القول بنجاسة المياه الكثيرة المجتمعة من الأمطار الغزيرة في الأرض المستوية، بل هو معلوم البطلان،