حتى يرد عليه أنه لا طائل تحته، على أن أقصاه ثبوت البأس الذي هو أعم من المنع، إذ لعل وجهه توقف النظافة، بل لو سلم إرادة المنع منه فهو أعم من النجاسة، إذ لعله لكونه بعد الانقطاع غسالة غير رافعة للحدث، بل ظاهر الصحيح المذكور إناطة بعض الأحكام بالجريان، وهو لا ينافي ثبوت غيره، بل ربما قيل إنه لا يراد من الشرط هنا قطعا، ضرورة أنه إذا لم يكن طاهرا لم يطهره الجريان.
لكن قد يدفعه أن الخصم لا يلتزم نجاسته لو باشر نجاسة قبل أن يجري حتى يرد عليه عدم معقولية الطهارة بالجريان، بل حكي الاجماع على عدم ذلك، بل لعله يقول: إذا جرى انكشف أنه من الماء الذي لا يقبل النجاسة بالملاقاة نظير المختار بالنسبة للقطرات اليسيرة ابتداء، فإنه ينكشف عدم قابليتها للنجاسة إذا تواتر بعدها المطر وقوي مثلا، لا أنها تنجس ابتداء، فيسقط حينئذ رد الصحيح من هذا الوجه، بل قد يناقش في بعض ما تقدم من الوجوه السابقة أيضا، إلا أن ذلك لا يقدح في جميع ما سمعت، إذ البعض كاف حينئذ.
كما أنه يكفي في رد ما عساه يتمسك به لمن اعتبر الكثرة الموجبة للجريان تقديرا من صحيح هشام بن سالم المتقدم سابقا، فإن قوله (عليه السلام) فيه: " ما أصابه من الماء أكثر " بمنزلة التعليل لنفي البأس، فيفهم منه ثبوته إذا لم يكن كذلك أن يقال: إن المراد بالأكثرية هنا القهر والغلبة دون المقدارية إذ البول الجاف لا مقدار له، على أن أكثرية الماء من البول لا تقتضي تحقق الجريان فيه، إذ ربما لم يجر وهو أكثر منه، ومحتمل لرجوع ضمير " أصابه " إلى الثوب، أي أن القطرات الواصلة للثوب أكثر من البول الذي أصابه.
بل قد يقال: إن انتفاء العلة المنصوصة لا يقتضي انتفاء المعلول وإن كان اطرادها يقتضي اطراده، بناء على حجية منصوص العلة إلى غير ذلك.