فيه إلا أنه المنساق إلى الذهن من إطلاق الأدلة، بل هو المتعارف المعهود المعبر عنه فيها تارة بالعصير، وأخرى بالطلاء، وثالثة بالبختج، والذي طفحت الأخبار (1) في حرمته قبل ذهاب الثلثين وفي بيان علة ذلك، كما هو واضح لمن لاحظها جميعها بتأمل وتدبر، خصوصا ما ورد (2) منها في السؤال عن بيعه قبل أن يصير خمرا.
ويؤيده ما قيل من عدم استدلال أحد من الأصحاب كالمصنف والعلامة وغيرهما بهذه الأخبار مع كثرتها واستفاضتها، وكونها بمرآى منهم ومسمع، بل لا يبعد كونه كذلك في كلمات الأصحاب، كما عن القطيفي في الهادي القطع به، وإن أنكره العلامة الطباطبائي في مصابيحه، بل قد يظهر منه ذلك حتى بالنسبة للأخبار أيضا، كصريح المحكي عن مولانا أبي الحسن والأستاذ الأكبر.
لكن التحقيق ما قلناه ولا ينافيه خصوص الصحيح (3) المسور ب " كل " الظاهر في تعدد الأفراد بل تكثرها، وإن علم خروج غير المعتصر من ثمرتي الكرم والنخل بالاجماع وغيره بل الضرورة، إن لم نقل بتنزيل عموم الصحيح على المتعارف من أفراد العصير، بل لعل غيرهما لا يسمى عصيرا، لما فيه على التقدير الأول من كون الخارج أضعاف الداخل، بل انتهاء التخصيص إلى المستنكر المستقبح عرفا، مع عدم دليل من الأخبار على الاخراج في كثير من أفراده حينئذ، وعلى الثاني من منافاته للعموم اللغوي أولا، وعدم تسليم التعارف في الثلاثة ثانيا، فضلا على الوضع للقدر المشترك بينها.
ومع ذا فهو ليس بأولى من حمله على إرادة العموم بالنظر إلى أفراد العنب وأقسامه وإلى ما ظهر إسكاره أو اتخذ له وعدمه، وإلى ما أخذ من كافر أو مسلم مستحل لما دون الثلثين وعدمه، وإلى الممزوج بغيره مع عدم الاستهلاك وعدمه، إلى غير ذلك.