وما يقوم مقامه أو على الانفصال الممتاز به عن الصب.
وفيه بعد منع الأول عندنا، بل والثاني أيضا كما عرفت، بل والثالث إن أراد انفصال تمام ما غسل به من الماء، وإن أراد في الجملة فهو مسلم في غسل النجاسة لا في مطلق الغسل، لكنه متحقق في مفروض البحث، لحصول انفصال بعض ما مر على الظاهر قطعا أنه يمكن القول بالعفو عن المتخلف في خصوص المقام لنحو العفو عنه في الطنفسة والفراش ذي الحشو وغيرهما من الخزف والآجر الجافين، بل لعل المتخلف هنا أقل من ذلك بمراتب، ولمنع تسليم وجوب العصر فيما لا يعصر وإن قلنا به فيما يقبله، كما يومي إليه القطع بسقوطه فيه لو غسل بالماء الكثير وإن قلنا باعتباره فيه أيضا فيما يعصر، وللزوم الضرر والعسر والحرج المنافية لسهولة الملة وسماحتها في توقف التطهير على الكثير، وللظن القوي إن لم يكن علما بعدم اعتبار ذلك في الأزمان السالفة، لقلة وجود الكثير من الماء فيها، خصوصا في أرض الحجاز، وخصوصا بالنسبة إلى أولئك الأعراب وأهل البادية الذين كانوا يكتفون بنقل قربة من الماء أياما وليالي، ولعموم مطهرية الماء التي قد امتن الله بها على عباده في كتابه المحكم وعلى لسان نبيه المعظم صلى الله عليه وآله ولوضوح اكتفاء الشارع في تطهير النجاسات بتحقق مسمى الغسل الذي هو في كل شئ بحسبه الحاصل من استقراء موارد الأدلة وتتبع جزئياتها، كما في غيره من القواعد المستفادة من الشرع، ولذا لم يحتج في تطهير كل عين بالكثير أو القليل من كل نجاسة إلى دليل خاص بعينه.
فلا حاجة حينئذ إلى دعوى ورود خصوص عموم أو إطلاق حتى يرد عليه أنا لم نعثر عليه، مع أنه قد يجده المتتبع، ولمرسل الفقيه (1) المتقدم في باب الاستنجاء " إن أبا جعفر (عليه السلام) دخل الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر، فأخذها وغسلها