وهو معنى استلزام الأكبر للأصغر، نعم قد يشكل استفادة هذا التعميم بالنسبة إلى مس الأموات خاصة، وقد ذكرناه في أول الكتاب. ولا إشكال بحسب الظاهر في استباحة ذلك الزائد بمجرد الغسل من غير حاجة إلى الوضوء، فلا يتوقف جواز اللبث في المساجد مثلا للحائض لو اغتسلت على الوضوء، وكذا الوطئ إن قلنا بتوقفه على الغسل، وقراءة العزائم ونحوهما لظهور الأدلة في استباحة ذلك كله بمجرد الغسل، فهي به حينئذ تكون كغير الحائض الغير المتوضئة، وأما ما اشتركا فيه كالصلاة والطواف ونحوهما فلا إشكال في توقف استباحته على الوضوء والغسل، فلا الوضوء وحده رافع له بتمامه ولا الغسل، بل هما مسببان لسبب واحد، فلا معنى لنية الرفع في كل منهما إن أريد بها التمام، كما أنه لا مانع منه إن أريد بها ملاحظة الجهة الخاصة، واحتمال القول أن الحدث سبب للغسل خاصة - وأما الوضوء فيوجبه قوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة) ونحوه، ولا مدخلية للحدث فيه كما تشعر به عبارة ابن إدريس السابقة، ولذا جوز نية الرفع في الغسل تقدم أو تأخر دون الوضوء تقدم أو تأخر أيضا - ضعيف بل باطل، سيما مع الانضمام إلى الأكبر بعض الأحداث الصغر.
نعم يحتمل الفرق بين الوضوء والغسل بنحو آخر، وهو أن يقال: إن إيجاب هذا السبب لهذين المسببين ينحل إلى أصغر وأكبر، لكن لما لم يتصور رفع الأصغر مع بقاء الحدث الأكبر إذ ليس لنا موضوع في الخارج متطهر من الأصغر غير متطهر من الأكبر بخلاف العكس كان المتجه حينئذ في غير الواجدة إلا لماء الوضوء مثلا التيمم وسقوط حكم الماء، لما عرفت من عدم إمكان الأصغر مع بقاء الأكبر، بخلاف ما لو وجدت ماء الغسل، فإنه يجب عليها الاغتسال والتيمم بدل الوضوء، هذا. مع أنه للتأمل والنظر فيه مجال، بل المتجه بناء على ما ذكرنا فعل ما تمكنت منه وقيام التراب مقام المتعذر، لاطلاق ما دل (1) على وجوب الوضوء، ولأنه " لا يسقط الميسور