الخلاف المتقدم في السرائر مشكل، بل الأقوى عدمه، فلا يبعد أن يكون المراد بتلك الأخبار عدم إغناء غير الجنابة عن الوضوء، بل لا بد منه إما قبله أو بعده أو أنها تحمل على الاستحباب كما صرح به جمع من الأصحاب على إرادة أفضل فردي الواجب المخير، فلا ينافي حينئذ الاستدلال بها فيما تقدم على وجوب أصل الوضوء في الغسل، مع أن دليل الوجوب غير محصور بذلك، بل يكفي فيه ما دل على تسبب البول ونحوه كما تقدمت الإشارة إليه سابقا. لا يقال: إنه لا يعم جميع أفراد النزاع كما لو فرض عدم وقوع غير الأكبر، لأنا نقول: أما أولا فيتم بعد القول بالفصل، وأما ثانيا فبالاكتفاء بقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة) في أحد الوجهين، وباطلاق قوله (عليه السلام) في الخبر الأخير: (في كل غسل وضوء) المؤيد بالنبوي المتقدم ونحوه، فظهر لك حينئذ من جميع ذلك أن المتجه عدم وجوب التقديم، وأنه لا مدخلية له في صحة الغسل.
يبقى الكلام في شئ لا ارتباط له فيما تقدم، وهو أن الغسل والوضوء تقدم أو تأخر مشتركان في رفع الحدثين أو أنهما على التوزيع، فالغسل للأكبر والوضوء للأصغر، وتظهر الثمرة في ترتب أحكام كل منهما بمجرد فعله قبل فعل الآخر لم أجد نصا في كلام أحد من الأصحاب على شئ من ذلك سوى ما في المدارك، قال:
" حدث الحيض وغيره من الأحداث الموجبة للوضوء والغسل عند القائلين به هل هو حدث واحد أكبر لا يرتفع إلا بالوضوء والغسل أو حدثان أصغر وأكبر؟ ثم إن قلنا بالتعدد فهل الوضوء ينصرف إلى الأصغر والغسل إلى الأكبر أم هما معا يرفعان الحدثين على سبيل الاشتراك؟ احتمالات ثلاثة، وليس في النصوص دلالة على شئ من ذلك " انتهى. وسوى ما في الذكرى من احتمال مدخلية الوضوء في تحقق غايات الأغسال بل ظاهره احتمال ذلك حتى في الأغسال المندوبة فضلا عن غيرها، واحتمل أيضا العدم