التمسك بأصالة عدم الحيض مع الحكم بالاستحاضة، ولعله الظاهر من تصفح كلماتهم وأخبار الباب للحكم بالاستحاضة بمجرد انتفاء الحيض، ولم نعهد أحدا منهم عارض أصالة عدم الحيض بأصالة عدم الاستحاضة لا في المقام ولا في غيره، ومن هنا تعرف أن الاستحاضة أصل بعد انتفاء الحيض حتى يعلم أنه من قرحة أو نحوها، وأما ثالثا فبعد التسليم فلا ينقطع جملة مما ذكرنا كاستصحاب بقاء قابليتها للتكليف والعمومات ونحوها، إذ الاستحاضة لا ترفع ذلك بخلاف الحيض، على أنه يمكن التمسك بأصالة البراءة من الزائد عند اختبار الدم ورؤيته قليلا بحيث لو كان استحاضة لكان صغرى، لكون الغسل تكليفا زائدا، وأما رابعا فالمتعين عليها حينئذ الاحتياط بترك المكث في المساجد ونحو ذلك من أفعال الطاهرة، بل الظاهر أنه حينئذ يجب عليها الاغتسال والصلاة والصوم ثم الصوم بدله.
لا يقال: إن الاحتياط غير ممكن بالنسبة للصلاة والصوم لكون تركها عزيمة على الحائض، لأنا نقول: أولا نمنع الحرمة الذاتية. وإنما هي تشريعية ترتفع بالاحتياط، وثانيا إن الظاهر من الأصحاب ترجيح الفعل هنا على الترك كما في نظائر المقام، ولعله لأن مراعاة الوجوب في نحو الصلاة أهم من مراعاة الحرمة أو لغير ذلك، ومع التنزل عن ذلك كله فالقاعدة تقتضي التخيير، مع أنه لا يلتزم أحد من الأصحاب بشئ من ذلك لا القائلين بالتوالي ولا بعدمه، وكيف كان فلا ريب في صحة ما ذكرنا من الأصول والقواعد، نعم لا يتجه الاستدلال على ما نحن فيه بتبادر التوالي من قوله (عليه السلام) (1): (أدنى الحيض ثلاثة أيام) كما وقع من صاحب المدارك وغيره، أما أولا فلمنع ذلك كما يوضحه تعلق النذر واليمين، وأما ثانيا فلأنه إنما يتجه أن لو قلنا بكون المتخلل من النقاء بناء على عدم اشتراط التوالي طهرا، وهو غير معلوم بل المعلوم