نحن فيه وإن حكاه بعضهم عنهما هنا، وإلا للزم أن يكون أقل الحيض أربعة أيام وثلاثة ليالي لو فرض رؤيتها الدم صبح يوم الخميس، لعدم صدق الأيام بلياليها بدون ذلك، لأن المفروض كون ليلة الخميس بياضا، أو يجعل يوم الخميس ليلته ليلة الجمعة، ويوم الجمعة ليلته ليلة السبت، ويوم السبت ليلته ليلة الأحد، وهما معا كما ترى، بل مراده أن الأقل أيام مبدؤها صبح يوم الخميس مثلا، ولياليها ليس إلا الليلتين المتوسطتين في مقابلة ما نقله من خلاف العامة العمياء، كأحد قولي الشافعي أن أقله يوم وليلة، وعلى ذلك يحمل نفي الخلاف في كلامه، وكذا يحمل ما في جامع المقاصد والروض من أن الليالي معتبرة في الأيام إما لكونها داخلة في مسمى اليوم، أو للتغليب على إرادة المتوسطتين كالمنقول عن ابن الجنيد، ولا يلزم من ذلك نفي حقيقة اليوم الذي هو لغة وعرفا من الصبح إلى الغروب، ويشهد له قوله تعالى (1): (سبع ليال وثمانية أيام) فلو سلم إرادة ما شمل الليل منه في المتوسطات في الإقامة والاعتكاف وأقل الحيض والطهر وغير ذلك للقرينة ونحوها لا يقتضي تغير حقيقته في غيرها، ضرورة معلومية عدم اطراد المجاز، كما هو واضح. فيرتفع الخلاف من البين، ومن ملاحظة ما ذكرنا سيما نفي الخلاف الذي في التذكرة مع العرف يظهر أنه لا ينبغي التوقف في دخول الليلتين المتوسطتين كما في نظائره، فما عساه يظهر من بعض مشائخنا من التوقف في ذلك في غير محله، وكأنه لصدق حقيقة اللفظ إلا أنه كما ترى.
ثم الذي يظهر من تتبع كلمات الأصحاب وفحاويهم وإن لم ينصوا عليه بالخصوص مع جملة من الأصول السابقة أن المراد بالثلاثة المتوالية في كلامهم إنما هي أول الحيض، فلا يكفي وجودها في ضمن العشرة في تحيض ما تقدمها من الدم وإن قل، كأن يكون رأت ساعة دما من اليوم الأول ثم رأت السابع والثامن والتاسع فيحكم بحيضية الجميع