ونقول: انه ليس خلف الفرض فقط بل غير معقول، لان الأطراف إذا كانت ثلاثة كان وجوب أحدهما مشروطا بترك كلا العدلين لا أحدهما، إذ مع ترك أحدها لا يتعين وجوب غيره، بل يجوز الاتيان بكل من الآخرين.
وعليه، ففيما نحن فيه يلزم أن يكون الامر بكلا الفعلين مشروطا بتركهما - لان كلا منهما عدل كليهما كما هو الفرض -، وهو غير معقول، بل الالتزام بثبوت التخيير بين الأقل والأكثر يكشف عن عدم كونه بهذا النحو، لأنه لو كان بهذا النحو لم يكن التخييريين الأقل والأكثر معقولا، إذ لا معنى لتقييد وجوب الأكثر بترك الأقل. كما لا يخفى.
ويرد عليه رابعا: ان تقييد وجوب أحدهما بترك الآخر يلزمه عدم وقوع كل منهما على صفة الوجوب لو جاء بهما معا، لعدم تحقق شرطه وهما مما ثبت خلافه - وهذا الوجه يرد حتى لو فرض وحدة الغرض فهو لا يرتبط بعالم تعدد الغرض والتضاد بينهما -.
ويرد عليه خامسا: لزوم تعدد العقاب لو ترك كلا الامرين لوجوب كل منهما في حقه.
ولا يرد عليه: انه لا مانع من الالتزام به إذ لم يثبت خلافه. إذ ثبوت خلافه في العرفيات مما لا اشكال فيه وهي شاهد على ما نحن فيه.
الاحتمال الثالث: تعلق الوجوب بكل منهما تعيينا مطلقا لكنه يسقط بفعل الآخر.
وقد ادعى المحقق النائيني: انه مما لا يصح ان يتفوه به أحد، ولذلك حمله على الوجه السابق. والوجه في ذلك: ان سقوط الوجوب انما يكون باعتبار عدم امكان استيفاء الغرض الثابت في متعلقه، وهذا انما يتصور في مورد تزاحم الغرضين بحيث يكون كل منهما مع وجوده مانعا من وجود الآخر، وإذا كان كذلك رجع إلى الوجه السابق، إذ مع وجود أحدهما لا معنى للامر بالآخر لعدم امكان