واما إذا كان لضده اثر مناقض للأثر المترتب عليه، فبما ان الدليل لا يتكفل نفي الضد الآخر واقعا وتكوينا حتى تنتفي آثاره الواقعية واقعا بل يتكفل نفي الضد ظاهرا، فلا يمتنع أن يكون ثابتا في الواقع وتثبت له آثاره بدليلها.
فحينئذ يتعارض الدليلان الدليل المتكفل لاعتبار الموضوع الذي يترتب عليه اثر خاص، والدليل المتكفل لاثبات اثر - للموضوع الواقعي المفروض تحققه - مناقض لذلك الأثر، إذا لا يمكن اجتماع هذين الحكمين المتناقضين معا على موضوع واحد. ومن هذا القبيل: الملكية لزيد الثابتة بالاستصحاب التي يترتب عليها جواز النقل والانتقال. فإنه إذا كانت العين في الواقع وقفا كان أثرها مناقضا للأثر الثابت بالاستصحاب، وذلك لعدم جواز بيع الوقف ولا يقبل النقل والانتقال: فاستصحاب ملكية زيد يقتضي جواز البيع والنقل والانتقال. والوقفية الواقعية - بمقتضى الدليل الواقعي - تقتضي عدم جواز ذلك. فيتعارض الدليلان لعدم امكان اجتماع الحكمين.
ففي الحال هذه اما ان يلتزم بتخصيص الأدلة الواقعية وتقييدها بحال الشك وجريان الاستصحاب، بان يقال: ان عدم جواز بيع الوقف الثابت بدليله الواقعي انما هو في غير حال الشك وقيام الأصل على عدم الوقفية، واما مع ذلك فهو جائز واقعا ولا يحكم بعدم الجواز واقعا. أو لا يلتزم بذلك لوصمة التصويب فيه بتقيد الأحكام الواقعية على الموضوع بحال العلم به.
وانما يلتزم بان الجواز ظاهري والحكم بعدمه واقعي، فيجمع بين الدليلين بذلك. فإذا زال الشك وعلم بالوقفية يرتفع الحكم الظاهري بجواز البيع لارتفاع موضوعه، ويتأتى فيه حديث الاجزاء.
وهذا بخلاف الصورة الأولى، فإنه حيث لا مانع من ثبوت الحكم واقعا للموضوع باعتبار عدم ترتب الأثر المناقض على ضده لو كان ثابتا في الواقع، مع وجود المقتضي لذلك، وهو كونه فردا للموضوع تكوينا، كان ثبوت الحكم له