والوجوب الواردين على موضوع واحد، فإنهما ضدان لا يجتمعان، ولا يجدي الترتب في رفع المنافرة بينهما أصلا.
وهذا أمر مسلم لدى الملتزمين بالترتب، وتحقيقه سيجئ في محله ان شاء الله تعالى.
الثاني: ان عدم القدرة على نحوين: عدم القدرة على الشئ في نفسه، وعدم القدرة على الشئ من جهة المزاحم.
فالأولى: نظير عدم قدرة المشلول على الصعود إلى السطح.
والثانية: نظير عدم القدرة على إنقاذ أحد الغريقين، فان القدرة على الانقاذ في نفسه ثابتة، لكن عدم القدرة عليه لاجل المزاحم، لان كلا من الحكمين بمقتضى دعوته إلى متعلقه وتحريكه نحوه يحاول صرف القدرة في متعلقه، فيكون عدم القدرة على انقاذ كل غريق لاجل مزاحمتها بحكم شرعي.
والقدرة المعتبرة في صحة التكليف هي القدرة عليه في نفسه لا من جهة عدم المزاحم، فان أساس الالتزام بالترتب على ذلك. فعدم القدرة لاجل المزاحمة لا يمنع من الامر.
وهذا أمر مسلم كسابقه، وسيتضح في مبحث الترتب. فانتظر.
إذا عرفت ذلك نقول: ان الامر بذي المقدمة في الفرض لا يتوقف على جواز مقدمته لأنه وإن لم يكون مقدورا بدون جوازها الا ان عدم القدرة عليه لاجل المزاحم وهو الحرمة، والا فالقدرة عليه في نفسه حاصلة، وقد عرفت أن عدم القدرة لاجل المزاحم لا يمنع لا يمنع من الامر والبعث، فما ذكر من أن الامر بذي المقدمة يتوقف على جواز المقدمة المتوقف على الاتيان بذي المقدمة، غريب جدا بعد ما عرفت من تسليم عدم مانعية عدم القدرة لاجل المزاحم للامر.
وأشد منه غرابة هو الايراد بالوجه الثاني: فان الحرمة - على الفرض - معلقة على العصيان، فيستحيل أن يكون ذلك مستلزما لعدم تحقق العصيان،