واما في مثل: " التراب أحد الطهورين " (1) مما لا يشتمل على الامر فلا يتأتى فيه هذا التقريب، إذ لا يتكفل بيان الوجوب ولا الواجب كي يتمسك باطلاقه في نفي تقييده والتخيير بينه وبين غيره.
وقد يقرب التمسك باطلاقه في الدلالة على الاجزاء بان ظاهر الدليل تنزيل البدل الاضطراري - كالتراب - منزلة المبدل منه - كالماء -، فيتمسك باطلاق التنزيل في اثبات كونه بمنزلته في الوفاء بتمام الغرض، فيكون مجزيا كما عرفت.
ولكنه لا يخلو من نظر، فان دليل التنزيل ليس ناظرا إلى جميع جهات المنزل عليه في مقام التنزيل، فليس المتكلم في مقام البيان من جهة الوفاء بالغرض وعدم وفائه، بل النظر إلى التنزيل في مقام التكليف والامر وتعيين الواجب فهو أجنبي عن مقام الوفاء بالغرض.
ولكن يمكن تقريبه بنحو آخر وهو ان يقال: ان الدليل يتكفل تنزيل التيمم منزلة الوضوء في تعلق التكليف به وبيان ان الصلاة مع التيمم كالصلاة مع الوضوء في كونها متعلقة للوجوب.
وبما أن وجوب الصلاة مع الوضوء في ظرف الاختيار وجوب تعييني غير تخييري، فيكون مقتضي دليل التنزيل هو تنزيل الصلاة مع التيمم منزلة الصلاة مع الوضوء في هذه الجهة وهي كون وجوبها تعيينيا لاطلاق دليل التنزيل من جهة الوجوب وتعلق الامر في التنزيل من هذه الخصوصية الراجعة إلى الوجوب.
وبالجملة: دليل البدل الاضطراري سواء كان بلسان الامر أو التنزيل يقتضي نفي التخيير بينه وبين غيره كما هو الحال في الصورة الثالثة. وعليه