مما كان وجوب ذي المقدمة فعليا، وذلك لما ذكرناه في الامر الغيري من عدم قابليته للدعوة والتحريك. ببيان: ان المكلف اما أن يكون في مقام امتثال الامر النفسي بذي المقدمة أو لا يكون، فإن كان في مقام امتثال الامر النفسي، كان إتيانه بالمقدمة مما لا بد منه، سواء قصد امتثال الامر التهيئي أو لم يقصد. وإن لم يكن في مقام امتثال الامر النفسي لم يتحقق منه قصد الامر التهيئي، إذ قد عرفت أنه بملاك التوصل إلى الواجب الآخر، فإذا لم يقصد امتثال الواجب الآخر لم يتحقق التوصل قهرا، فلا يلحظ ملاك الامر التهيئي عند اتيان العمل، فيمتنع قصد امتثاله.
نعم الامر التهيئي المتعلق بالعمل قبل زمان الواجب الآخر المقصود التوصل به إليه، كالمتعلق بالمقدمات المفوتة، له قابلية الدعوة، إذ لولاه لما أتي بالمقدمة المستلزم لترك الواجب، فيمكن أن يكون الداعي للاتيان بالمقدمة ليس إلا تعلق الامر به، ولولاه لما أتى به وكان معذورا في ترك الواجب في ظرفه، لعدم القدرة عليه، وعدم الملزم لايجادها أو المحافظة عليها قبل ظرفه.
واما إذا كان الامر نفسيا محضا وذاتيا بلا ارتباط له بامر آخر. فلا اشكال فيه، إلا أنه خارج عما هو محل الكلام، فان الغرض من هذا الوجه تصحيح عبادية الطهارات من طريق غير الامر النفسي، والا رجع هذا الوجه إلى الوجه الأول الذي التزم فيه باستحباب الطهارات بذاتها. فالتفت.
الوجه الخامس: ما افاده المحقق النائيني (قدس سره) من أن الشرائط كالاجزاء متعلقة للامر الضمني النفسي، فالاتيان بها بداعي أمرها النفسي الضمني كما يؤتى بالاجزاء كالركوع. وعليه فعبادية الطهارات باعتبار تعلق الامر النفسي، وبذلك تندفع الايرادات، إذ المقربية والثواب ناشئان من امتثال الامر النفسي الضمني، ولا أمر غيري في المقام كي يستشكل في عباديته، واشكال الدور يندفع بما يدفع به نفس الاشكال على تعلق الامر بنفس العمل