عن عدم الإرادة الذي يقال عنه انه ممتنع بالغير، لا يتنافى مع كون عدم الفعل كوجوده اختياريا، فان الضرورة والامتناع الذين يتنافيان مع اختيارية الفعل هما الضرورة والامتناع السابقان على مرتبة الإرادة لا اللاحقان لها الناشئان منها.
فالفعل وان كان ضروريا بالإرادة لكنه اختياري، لاجل ان ضروريته بالإرادة.
فالقاعدة المذكورة أساس بيانها والتنبيه عليها هو دفع هذا الوهم، وقد طبقت على موارد:
المورد الأول: ما أشرنا إليه من كون الامتناع - في الفعل الإرادي - ناشئا من عدم الإرادة، فإنه قيل عنه: ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
واما تحقيق صحة تعلق الخطاب بالفعل الممتنع لعدم الإرادة وعدم صحته فليس محله ههنا، وان كان الحق عدم صحته، فلا يصح ان يتعلق الخطاب بعثا أو زجرا بالفعل على تقدير عدم تعلق الإرادة به، لان الفعل على هذا التقدير ممتنع الحصول، والمفروض ان التكليف انما هو لايجاد الداعي والمورد غير قابل لذلك.
المورد الثاني: المسببات التوليدية بعد حصول السبب، فإنها بعد حصول السبب وقبل تحققها لا تكون إرادية، بل تكون ضرورية الحصول، كما هو المقصود من المسبب التوليدي، نظير القتل الحاصل بعد رمي السهم أو بعد إلقاء الشخص بدنه من شاهق.
فقد يتوهم: انه يمتنع تحقق العقاب عليها، لأنها في ظرف تحققها ليست اختيارية.
لكنه يندفع بالقاعدة المذكورة، فان الامتناع في المسببات التوليدية إنما نشأ عن الإرادة والاختيار لتعلقها بالسبب، وهذا يصحح ترتب آثار الفعل الاختياري على المسبب من صحة المؤاخذة عليه ونحوها، لان إرادة السبب إرادة للمسبب بنظر بنظر العقلاء، فالفعل اختياري بنظرهم.
نعم يمتنع تعلق التكليف به في الحال المفروضة، إذ التكليف لا يتقوم