بعض ثالث، فلا يمكن توجيه الخطاب إليهم شخصيا بانشاء واحد، بل لا يسعه إلا أن ينشئ الحكم على الموضوع الكلي، وقد عرفت أنه لا يستدعي سوى إحراز كون العنوان محصلا للغرض وملاك الحكم بلا نظر إلى الافراد، فإذا أحرز ان الاستطاعة بوجودها المتأخر محصلة للملاك، ولم يحرز تحقق الاستطاعة في بعض الاشخاص، أنشأ الحكم على الموضوع الكلي فيقول: " يجب الحج فعلا على المستطيع بعد حين "، وبعد هذا يكون أمر تطبيق الموضوع على المكلفين بيدهم لا بيد المولى، فان وظيفته ليس إلا جعل الحكم على موضوعه، فمن علم أنه يتحقق منه هذا الشرط فقد أحرز انه فرد الموضوع الكلي، فيحرز ثبوت الحكم له، وبدونه لا يحرز كونه فردا للموضوع كي يحرز ثبوت الحكم له.
فلا يقال: إنه بعد أخذ الاحراز شرطا لا معنى لتقييد ثبوت الحكم بوجود الشرط في ظرفه.
فان هذا إنما يتم في الاحكام الشخصية دون الكلية، لأنها لا تناط باحراز تحقق الشرط خارجا، إذ لأنظر للمولى إلى عالم الخارج، بل تناط باحراز دخالة الشرط في الملاك، فالخطأ انما يتصور في هذا الفرض في دخالة الشرط في الملاك لا في أصل وجود الشرط.
ولا ينافي هذا الالتزام بكون الاحكام منشأة بنحو القضية الخارجية لا الحقيقية، إذ المنفي هو أخذ الشرط بنحو فرض الوجود وترتيب وجود الحكم على وجوده اما جعل الحكم فعلا على الموضوع الكلي، وكون أمر تطبيقه بيد المكلف لا بيد المولى، فلا مانع من الالتزام به، وهو لا ينافي القضية الخارجية كما في قول القائل: " كل من في الدار عالم "، ولكنه إذا سئل عن: " أن زيدا كان في الدار أولا " يجيب لا أدري. مع أن حكمه بنحو القضية الخارجية.
وبالجملة: كون الأحكام الشرعية بنحو الحكم الكلي لا الشخصي، فلا يكون أمر تطبيق الموضوع بيد المولى بل بيد العبد، مما يلتزم به صاحب الكفاية