بصدق اختيارية الفعل كصحة العقاب عليه، بل يتوقف على امكان التحريك والدعوة، وهو غير متحقق لعدم القدرة على الفعل ولا على الترك بعد حصول السبب، فلا يكون المورد موردا لا يجاد الداعي والبعث لعدم قابليته لذلك.
المورد الثالث: أن يكون الفعل في نفسه من الأفعال الإرادية التي تتعلق بها الإرادة بنفسها مباشرة - لا كالمسببات التوليدية -، فيفعل المكلف فعلا يستلزم سلب إرادية ذلك الفعل، فيكون ضروريا بلا ان تتعلق به الإرادة. نظير حركة المرتعش، فإنه من الموارد التي تطبق عليها القاعدة المزبورة، فيدعي فيه بصحة العقاب على الفعل غير الإرادي، لأنه وان كان فعلا غير اختياري إلا أن عدم الاختيار لما كان ناشئا عن الاختيار كان ذلك مصححا لترتب آثار الفعل الاختياري عليه - من صحة المؤاخذة عليه - بنظر العقلاء.
نعم يمتنع والحال هذه تعلق التكليف به، لأنه ليس بمقدور، فلا يتحقق الداعي المقصود ايجاده بالتكليف. فالامتناع بالاختيار في هذه الموارد لا ينافي الاختيار عقابا وان كان ينافيه خطابا. لكنه ينبغي أن يقال: إنه ان كان الفعل المسلوب عنه الإرادة مبغوضا للمولى بجميع افراده وأحواله كان تطبيق القاعدة على المورد في محله، لأنه فعل باختياره ما ينتهي إلى فعل مبغوض للمولى وان كان غير مقدور عليه في ظرفه، لكن عدم القدرة بعد أن كانت ناشئة عن الاختيار لا تنافي الاختيار. واما إذا كان الفعل المسلوب عنه الإرادة مبغوضا للمولى في بعض افراده وهو الفرد الإرادي، بمعنى ما تتعلق به الإرادة مباشرة وما يقع عن اختيار في ظرفه فلا وجه للحكم بصحة العقاب على الفعل المزبور بمقتضى القاعدة، لأنه فعل غير مبغوض للمولى، إذ هو ليس بإرادي فعلا.
فالوجه التفصيل بين الصورتين، وتشخيص كل منهما يتبع ما يستظهر من لسان دليل الحكم والحرمة والمبغوضية.
ولا يخفى ان الذي يتناسب مع ما نحن فيه هو هذا المورد دون مورد