تقتضيه طبيعة الحكم وملاك جعله، بتقريب انه لجعل الداعي وهو متأخر قهرا عن جعل الحكم لكي ينتهي من ذلك إلى جواز الواجب المعلق. فالحكم بطبيعته لا يتعلق بالأمر المتأخر دائما، بل التأخر ينشأ من العوارض الخارجية، وهذا لا يعني تعلق الحكم بامر متأخر عنه الذي يحاول المدعي اثباته كي يصل إلى اثبات دعواه من عدم استحالة الواجب المعلق. فلا حظ (1).
ومن هنا يتضح لك ان ما أفاده لدفع الوجه الثالث الذي ذكره صاحب الكفاية، وان رجع إلى منعه في نفسه وبيان عدم تماميته، وبه يختلف عن نحو مناقشة المحقق الأصفهاني فيه، لأنها لا ترجع إلى منعه في نفسه بتاتا، لكنه إنما يدفعه في نفسه مبنيا على تقدير خاص وبناء معين، وهو تقدير الالتزام بكون جعل الاحكام بنحو القضايا الحقيقية ولا يرجع إلى منعه بتاتا على جميع التقادير.
وبتعبير آخر: ان هذا المنع لا يلزم به صاحب الكفاية، لامكان ان يدعي نفي كون الاحكام مجعولة بنحو القضية الحقيقية.
والذي يتحصل ان ما ذكره صاحب الكفاية ايرادا على الوجه الذي ذكره المحقق النهاوندي لم تظهر الخدشة فيه من كلام هذين العلمين، فوروده محكم.
هذا بالنسبة إلى ما يرتبط بكلام صاحب الكفاية.
واما نفس الوجه الذي أفاده في بيان استحالة الواجب المعلق من رجوع قيد المتعلق الذي لا يجب تحصيله إلى الموضوع المأخوذ بنحو فرض الوجود، فيمتنع وجود الحكم قبله.
فالخدشة فيه تظهر مما تقدم منا من إنكار هذه الكلية التي يتكرر ذكرها في كلامه، فليس كل ما لا يجب تحصيله يكون مأخوذا بنحو فرض الوجود، بل قد عرفت أن القيود على أنحاء ثلاثة: منها: ما يرجع إلى المتعلق. ومنها: ما يكون