ومن هنا يظهر ما ذكرناه سابقا من: أن مناقشة المحقق الأصفهاني لصاحب الكفاية في الوجه الثالث لا ترجع في الحقيقة إلى منعه في نفسه، بل إلى بيان أنه غير مصحح ورافع لمحذور الواجب المعلق الذي ذكره هو (قدس سره)، لابتنائه على الالتزام بالتضائف بين البعث والانبعاث، وكلام الكفاية أجنبي عنه.
والانصاف ان ما التزم به من أن حقيقة الامر جعل ما يمكن أن يكون باعثا وداعيا، بلا وجه ملزم - وان تم ما رتبه عليه من استحالة الواجب المعلق -، بل يمكننا الالتزام بان حقيقة الامر إنما هي جعل ما يقتضي الداعوية والبعث، بمعنى جعل ما يمكن له اقتضاء الداعوية والتأثير فيها. ومن الواضح أن وجود المانع من تأثير المقتضي في مقتضاه سواء كان المانع من الخارج، أو لاجل عدم قبول المحل، لا ينافي كونه مقتضيا، فالنار مقتض للاحراق ولو لم تكن فعلا مؤثرة فيه باعتبار وجود المانع. لان معنى المقتضي هو ما يكون مؤثرا لو حصلت باقي اجزاء العلة من الشرط وعدم المانع، فوجود المانع لا يرفع اقتضاء المقتضي ولا ينافيه.
وعليه، فعدم امكان الدعوة فعلا والانبعاث عن الامر في الواجب المعلق لا ينافي كون الامر مقتضيا للبعث والدعوة، لان عدم التمكن ناشئ من وجود المانع، وعدم قابلية المورد للانبعاث، وهذا لا يضير في اقتضاء الامر فليس في مورد الواجب المعلق ما يتنافى مع حقيقة الامر كي يلتزم بعدم الامر.
ولعل نظر المحقق العراقي في ما ذكره في مقام الإجابة عن هذا الوجه:
بان الامر وان كانت حقيقته جعل ما يمكن أن يكون داعيا، لكنه لا يشترط أن يكون ممكن الدعوة فعلا، بل يكفي فيه امكانه ولو في المستقبل (1)، لعل نظره في