وقد يجاب: بان النزاع ليس في دلالة كل دليل في مورده الخاص كي يدعى ان نتيجة ذلك النزاع خاصة بمورد الدليل ولا تتعداه إلى غيره، وانما يفرض في أمر كلي ينطبق على جميع الأدلة، وهو ان الدليل - أي دليل كان - في أي حال وعلى أي نحو يكون دالا على وفاء المأمور به بالملاك الواقعي فيكون مجزيا. وعدم وفائه به فلا يكون مجزيا؟. فهل اطلاقه يقتضي وفاء المأمور به بالملاك أولا؟. فالبحث إنما هو في الملازمة بين الاطلاق ووفاء المأمور به بالملاك.
ولا يخفى ان نتيجتها قاعدة كلية تنطبق على كل مورد من دون خصوصية لمورد على آخر.
وعلى هذا فالبحث فيها يتلائم مع كون المسالة أصولية.
ولا يخفى ان هذا الجواب تصحيح لأصولية البحث في الاجزاء وكون مسألته من المسائل الأصولية، ولا يصحح كلام الكفاية، فان الاقتضاء عليه وإن لم يكن بمعنى الدلالة والكشف. ولكنه ليس بمعنى العلية والتأثير أيضا، بل البحث أجنبي عن الاقتضاء، فإنه عن الملازمة بين الاطلاق والوفاء بالملاك.
وعلى كل فالأمر سهل.
واما: " الاجزاء " فقد أفاد: بان المراد به معناه اللغوي والعرفي، وهو الكفاية، غاية الامر ان المكفي عنه يختلف، فتارة: يكون اسقاط القضاء.
وأخرى: يكون اسقاط الإعادة. ومع امكان حمله على المراد العرفي اللغوي لا يتجه جعل معناه اصطلاحيا، بمعنى اسقاط القضاء أو اسقاط الإعادة.
وبعد ان فرغ من ذلك تعرض إلى جهة الفرق بين هذه المسالة وبين مسالة دلالة الامر على المرة أو التكرار، إذ قد يتوهم عدم الفرق بينهما، حيث إنه على القول بعدم الاجزاء لا بد من تكرار الفعل، كما أنه بناء على دلالته على التكرار لا بد من تكرار العمل. ببيان: ان المبحوث عنه في تلك المسالة يختلف عنه في هذه المسالة، فان المبحوث عنه في تلك هو تشخيص المأمور به وتعيينه،