وقد استشكل في الجواب: بان فرض وقوع النزاع في الصغرى - أعني في دلالة الدليل - لا يتناسب مع المسألة الأصولية، إذ من شرائط المسألة الأصولية كما تقدم ان تكون نتيجتها كلية جارية في جميع الموارد، ولذا قيل بخروج قاعدة الطهارة عن الأصول لاختصاصها بباب الطهارة، مع كون مفادها مفاد قاعدة الحل والبراءة. ولا يخفى ان الكلام في دلالة كل دليل كدليل:
" التراب أحد الطهورين " (1) ونحوه لا ينتهي بنا إلى نتيجة عامة، بل نتيجتها خاصة بمورد الدليل كالطهارة أو الصلاة أو غيرهما.
هذا مضافا إلى أنه إذا كان منشأ الخلاف الكبروي هو النزاع في دلالة الدليل، فالمناسب هو تحرير النزاع في دلالة الدليل وتشخيص مفاده لتحسم به مادة النزاع الكبروي وينتهى منه إلى النتيجة الكبروية، لان الأولى هو تحرير الكلام فيما هو سر الخلاف وتنقيحه فيه كما لا يخفى.
مع أن فرض تحقق النزاع الكبروي مشكل، كالاشكال في فرضه بالنسبة إلى إجزاء المأمور به عن أمره، إذ إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي وعدمه يبتني على أمور توجب التسليم به لو ثبتت، وهي الوفاء بالملاك، أو عدم وفائه، أو عدم امكان تدارك المصلحة الفائتة كما سيجئ انشاء الله تعالى، وعليه فالنزاع في الحقيقة ليس في أصل الكبرى وانما في ما تثبت به وهي مقدار الوفاء بالملاك وتحديده، وهذا يستكشف من دليل الحكم الاضطراري أو الظاهري.
وبالجملة: لا نزاع في أصل الكبرى بما هي هي، بل بما تبتني عليه الكبرى فيرجع النزاع صغرويا فينبغي أن يكون في دلالة الدليل ومقتضاه (2).