الكشف بمعنى التأثير حقيقة لكنه تأثير في الوجود العلمي لا الواقعي.
وعلى كل المراد منه ههنا هو العلية والتأثير لا الكشف والدلالة، وأيد ما ذكره بأنه قد نسب في موضوع النزاع إلى الاتيان لا الامر، فإنها تتناسب مع إرادة العلية منه، إذ الكشف من شؤون الألفاظ والأدلة لا من شؤون الأفعال فإنها موثرة واقعا.
وقد يورد عليه بوجهين:
أحدهما: بأنه لم يرد الاقتضاء في كلام القوم منسوبا إلى الاتيان، بل ورد منسوبا إلى الامر - وهو يتناسب مع إرادة الكشف والدلالة منه -. وعليه فالاستشهاد على ما ادعاه من إرادة العلية منه بنسبة الاقتضاء إلى الاتيان في غير محله، لان النسبة المذكورة لم يذكرها غيره ولا معنى لاستشهاده على إرادة شئ من كلام القوم أو من كلامه بما جاء في كلامه بخصوصه كما هو واضح.
وأجيب عن هذا الوجه: بأنه (قدس سره) ليس في مقام بيان كون المراد من الاقتضاء في كلام القوم هو العلية، بل في مقام بيان ان الأنسب في تحرير البحث هو جعل الاقتضاء بمعنى العلية والتأثير لا بمعنى الكشف والدلالة (1).
نعم يبقى سؤال وهو: انه إذا كان الملحوظ في كلامه هذه الجهة، فما هو معنى التعليل بنسبة الاقتضاء إلى الاتيان مع أنه وارد في كلامه بالخصوص؟.
ويمكن الجواب عنه: بأنه يمكن أن يكون نظر صاحب الكفاية إلى تصحيح نسبة الاقتضاء إلى الاتيان بهذه الجهة، فيكون المعنى انه من أجل ان البحث ينبغي أن يكون عن الاقتضاء بمعنى العلية نسبنا الاقتضاء إلى الاتيان لملائمته معه. وليس نظره - كما قد يظهر بدوا - إلى تعليل كون البحث عن الاقتضاء بمعنى العلية بنسبة الاقتضاء إلى الاتيان كي يرد عليه ما ذكر.