وبالجملة: النظر إلى تعليل نسبة الاقتضاء إلى الاتيان بإرادة العلية من الاقتضاء، لا إلى تعليل إرادة العلية من الاقتضاء بنسبته إلى الاتيان. فتدبر.
الثاني: وهو الذي أشار إليه تحت عنوان: " ان قلت ". وتوضيحه: ان الكلام لا ينحصر في اقتضاء الاتيان بالمأمور به للاجزاء، بل يقع النزاع في بعض الصور في دلالة الدليل على الاجزاء، فلا معنى لفرض النزاع مطلقا في الاقتضاء بمعنى العلية. بيان ذلك: ان موضوع الكلام تارة: يكون إجزاء المأمور به عن امره كاجزاء المأمور به بالأمر الواقعي الأولي عن امره، وإجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن أمره، واجزاء المأمور به بالأمر الظاهري عن امره. وأخرى:
يكون في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي.
فالكلام في الأول - لو فرض - يكون في الاقتضاء بمعنى العلية، إذ لا تلحظ دلالة الدليل في هذا المقام.
واما في الثاني: فالنزاع في الحقيقة في دلالة الدليل على إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري - كل بحسب دليله - عن الامر الواقعي، فالمناسب في هذا النحو إرادة الكشف والدلالة من الاقتضاء.
وأجاب عنه (قدس سره): بان وقوع النزاع في هذا النحو في دلالة الدليل مسلم لا ينكر، لكنه لا يتنافى مع كون النزاع الأساسي في أن نفس الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري يؤثر في الاجزاء، بلحاظ وفائه بالملاك وعدم وفائه، وينضم إليه النزاع المزبور - أعني النزاع فيما هو مقتضى الدليل -، وهو منشأ الخلاف في النزاع الأول، بمعنى ان النزاع في الاجزاء الاتيان وعدمه للخلاف في دلالة الدليل على الوفاء بالملاك وعدمه أو مقدار الوفاء. فيكون هناك نزاعان كبروي وصغروي، كما أنه في النحو الأول يكون نزاع واحد كبروي لو فرض نزاع، إذ لا كلام في إجزاء المأمور به عن نفس امره لوفائه بملاك أمره وتحصيله غرضه.