هذا، وقد يدعى أن إهمال الأحكام المذكورة وعدم العلم بها لا يرجع إلى مجرد عدم استحقاق ثوابها وقرب المكلف بامتثالها، بل يقتضي زائدا على ذلك نحوا من الحزازة والبعد عن حظيرة المولى، التي هي أشبه بالعتاب وأن لم تبلغ مرتبة العقاب، كما قد يشير إليه بعض النصوص المتضمنة أن النبي صلى الله عليه وآله يطالب بالسنة، كما يطالب الله تعالى بالفرض.
بل قد يترتب على ذلك بعض العقوبات الدنيوية، كما قد يشير إليه ما تضمن أن الرجل يترك صلاة الليل، فيحبس عنه الرزق.
فإن تم هذا لم يبعد جريان نظير قاعدة قبح العقاب، لان الحزازة المذكورة من سنخ المؤاخذة والجزاء، الذي لا يحسن إلا مع قيام الحجة الكافية.
بل قد يصحح ذلك جريان مثل حديث الرفع، لان في ثبوت الأثر المذكور نحوا من الضيق يصدق بلحاظه الرفع ويتحقق برفعه الامتنان.
أما مع الشك في الحكم الضمني، للدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين - كما لو شك في جزئية السورة للنافلة - فقد ذكر بعض مشايخنا أنه لا مانع من الرجوع فيه إلى حديث الرفع لرفع شرطية المشكوك في المركب في مقام الظاهر.
لكنه لا يخلو عن غموض، لان المراد بذلك إن كان إثبات مجرد عدم استحباب الجزء ضمنا، فقد عرفت منه عدم نهوض الحديث برفع الاستحباب.
وإن كان إثبات مشروعية العمل وصحته بدونه، فمن الظاهر أن حديث الرفع لا يقتضي ذلك في الأحكام التكليفية، فضلا عن غيرها، لان ذلك من لوازم كون المأتي به تمام المركب، وأن الطلب قد تعلق بالأقل لا بشرط الزيادة المشكوكة، وقد تقدم في تقريب الأصل الشرعي في الأقل والأكثر الارتباطيين عدم نهوض أدلة البراءة بذلك.