الصفات ذات الإضافة، فتلك الإرادة في التشريعية والتكوينية واحدة، وإنما اختلافها بحسب المراد.
ثم إن الذي حداهم إلى هذا التقسيم، ما رأوا من القاعدة المعروفة المسبوقة " وهي أن الإرادة الجزء الأخير من العلة التامة " فبعدما سمعوا ذلك، لاحظوا انتقاضها بالإرادة المتعلقة في الأوامر والنواهي بصدور الفعل من المكلف، مع عدم صدوره منه، فإنها تتخلف عن المراد، فبنوا على تخصيص القاعدة العقلية، أو تضييق مصبها، وبيان موقفها:
فقال " الكفاية " في موضع منها جوابا عن النقض المزبور: " بأن استحالة التخلف، إنما تكون في الإرادة التكوينية، وهي العلم بالنظام على النحو الكامل التام، دون الإرادة التشريعية، وهو العلم بالمصلحة في فعل المكلف، وما لا محيص عنه في التكليف إنما هو هذه الإرادة التشريعية، لا التكوينية " (1) انتهى.
وقد صدقه جماعة من الأفاضل فيما أفاده، ومنهم العلامة الأراكي صاحب " المقالات " فقال: " الإرادة التشريعية: هي التي تعلقت بصدور الفعل من غيره بالاختيار، والإرادة التكوينية ليست كذلك، والأولى تنفك عن المراد، دون الثانية " (2).
وقال المحشي العلامة (قدس سره): " إن الإرادة التشريعية ليست ما تتعلق بالتحريك والبعث، فإنهما من أفعاله، فلا مقابلة بين التشريعية والتكوينية، بل التشريعية هي الشوق المتعلق بفعل الغير اختيارا. وهذا الشوق يتصور فيما إذا كان لفعل الغير فائدة عائدة إلى المريد، وإلا فلا يعقل تحقق الشوق المزبور، ولذلك لا يعقل هذا