متخلفتين عن المراد.
فلا فرق بين كون الغرض الفائدة العائدة إليه، أو كون الغرض الفائدة العائدة إلى المأمور، فإن الإرادة التشريعية في جميع الأفراد - نبيا كان، أو وليا، أو عاديا - لا تختلف حسب المتعلق والمراد، وإنما الاختلاف في المقاصد والأغراض الخارجة عن حيطة الانشاء وإبراز المراد، كما هو الظاهر. وبعد هذا البيان القويم البنيان، ينقدح مواضع الخلط في الكلمات.
هذا مع أن الإرادة المتعلقة بفعل الغير اختيارا، تستلزم تحقق المراد بالإرادة والاختيار، لأن ترجيح أحد الطرفين بإرادة غالبة على الإرادة المباشرية، لا ينافي صدور الفعل عن الإرادة والاختيار، ولا يلزم الخلف المتوهم في كلمات صاحب " المقالات " (1).
ثم إن الظاهر من " الكفاية " تفسير الإرادة في التكوينية والتشريعية: بالعلم بالصلاح (2)، وقد عرفت: أن الإرادة بمعنى واحد في الذاتية والفعلية، وفي المبدأ وغيره، وإنما الاختلاف في هذه الإرادات في الأمور الخارجة عنها اللاحقة بها، فتوصيفها ب " التشريعية " لأجل تعلقها بالتشريع والتقنين.
وأما كيفية الإرادة التشريعية في المبدأ الأعلى، فهي من المسائل الغامضة التي قلما يتفق لبشر أن يصل إلى مغزاها، ويكشف لديه مصيرها وموردها، فإن ذلك من شعب كيفية نزول الوحي وإيحاء الكتب إلى الأنبياء المرسلين، وهذا من أسرار الأسفار الأربعة، ومن بطون المعارف الإلهية، وقد فصلناه في " القواعد الحكمية " (3)