وثانيا: إذا كانت الإرادة غير اختيارية، وكانت هي السبب الوحيد للفعل، وكانت الجزء الأخير من العلة التامة بعد تمامية الشرائط - على الوجه الماضي تفصيله - فكيف يوصف الفعل بالاختيار؟!
وما نرى من اتصاف الفعل بالاختيار، فهو لأجل رجوع مبادئه إلى الاختيار، ولذلك سيقت قاعدة " الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار " ولا ريب أن العلم والتصديق والميل، ليس اختياريا في كثير من الأفعال، وما هو الوحيد والدائم تحت اختيار سلطان النفس - إن كانت الإرادة - فهي، وإلا فلا وجه لتوصيف الفعل بالاختيار.
وأما النقض بالواجب، فهو موكول إلى محله تفصيلا، وإجماله: أن إرادته الفعلية تحصل بالاختيار الذاتي والإرادة الذاتية، كما يأتي منا بيانه، فلا يلزم من كون الفعل مختارا، عدم كون إرادته تحت الاختيار، إن ثبت الاختيار الذاتي.
ثم إن من أعمال القوة النفسانية، هي المسماة في عصرنا ب (الهيپنوتيزم) وهذا هو تأثير النفس في النفس الأخرى بإلقائها الإرادة عليها، وجعل مبادئ الفعل تحت سلطانها، قبال (منيتيزم) الذي هو التصرف في القوة المنبثة في العضلة، وفي أمر خارج عن سلطان النفس الأخرى والطرف، فهل يقبل العقل إجراء العقوبة على من صنع به ذلك، مع أنه فعله بالإرادة؟!
وأما ما أتى به السيد الوالد - مد ظله - من البرهان، فهو يرجع إلى تحرير الشبهة، فإنه إذا كانت إرادة الفعل محتاجة إلى الإرادة يلزم التسلسل، وقضية بطلانه عدم تحقق الفعل الإرادي مطلقا، وليس هذا أمرا آخر، ولا دليلا على حل الشبهة، كما لا يخفى.
وثالثا: وإن شئت قلت وسادسا: تحسين العقوبة وتقبيحها - بحكم العقلاء - هما الحسن والقبح العرفيان، والذي هو مقصود العدلية والإمامية، إثبات الحسن