تذنيبان:
الأول: لا ينبغي توهم الاجزاء في القطع بالأمر في صورة الخطأ، فإنه لا يكون موافقة للامر فيها، وبقي الامر بلا موافقة أصلا، وهو أوضح من أن يخفى، نعم ربما يكون ما قطع بكونه مأمورا به مشتملا على المصلحة في هذا الحال، أو على مقدار منها، ولو في غير الحال، غير ممكن مع استيفائه استيفاء الباقي منها، ومعه لا يبقى مجال لامتثال الامر الواقعي، وهكذا الحال في الطرق، فالاجزاء ليس لاجل اقتضاء امتثال الامر القطعي أو الطريقي للاجزاء - بل إنما هو لخصوصية اتفاقية في متعلقهما، كما في الاتمام والقصر، والاخفات والجهر.
الثاني: لا يذهب عليك أن الاجزاء في بعض موارد الأصول والطرق والامارات، على ما عرفت تفصيله، لا يوجب التصويب المجمع على بطلانه في تلك الموارد، فإن الحكم الواقعي بمرتبته محفوظ فيها، فإن الحكم المشترك بين العالم والجاهل والملتفت والغافل، ليس إلا الحكم الانشائي المدلول عليه بالخطابات المشتملة على بيان الاحكام للموضوعات بعناوينها الأولية، بحسب ما يكون فيها من المقتضيات، وهو ثابت في تلك الموارد كسائر موارد الامارات، وإنما المنفي فيها ليس إلا الحكم الفعلي البعثي، وهو منفي في غير موارد الإصابة، وإن لم نقل بالاجزاء، فلا فرق بين الاجزاء وعدمه، إلا في سقوط التكليف بالواقع بموافقة الامر الظاهري، وعدم سقوطه بعد انكشاف عدم الإصابة، وسقوط التكليف بحصول غرضه، أو لعدم إمكان تحصيله غير التصويب المجمع على بطلانه، وهو خلو الواقعة عن الحكم غير ما أدت إليه الامارة، كيف؟ وكان الجهل بها - بخصوصيتها أو بحكمها - مأخوذا في موضوعها، فلا بد من أن يكون الحكم الواقعي بمرتبته محفوظا فيها، كما لا يخفى.