وحله: أن المراد من " الإرادة الذاتية " هو تصدي الذات لخلق الإرادة الفعلية، من غير احتياجها إلى الإرادة الأخرى، والذات تحتاج في التصدي إلى المبادئ، وإذا حصلت المبادئ وأدرك الصلاح، يختار الإرادة، من غير الحاجة إلى الإرادة الأخرى، وهذا لا يستلزم كون الفعل النفساني - وهي الإرادة - اضطرارية، لاختيارية ذاتية سابقة عليها.
إن قلت: نسبة الإرادة الفعلية إلى الاختيار الذاتي بالإمكان، فلا بد من الإرادة، لخروجها من الإمكان إلى الوجوب.
قلت: لا يتقوم الخروج المذكور بثبوت الإرادة الذاتية في النفس، بل النفس تتصدى لذلك من غير احتياج إليها، كما هو المشاهد بالوجدان.
وإن شئت قلت: إدراك رجحان وجودها، كاف في صرف قدرتها إلى طرف، فتأمل جيدا.
إن قلت: لا معنى للإرادة الذاتية والاختيار الذاتي في الممكنات، لأن المراد من " الذاتي " إما ذاتي باب الإيساغوجي، أو ذاتي باب البرهان:
أما الأول: فواضح المنع.
وأما الثاني: فهو خارج المحمول الذي لا يتصور إلا في حقه تعالى، الذي ذاته الوجود والعلم والقدرة والإرادة، وأما في الممكنات فإن لها الماهيات، والوجود وكماله خارج عنها، ومحمول عليها بالضميمة، وإن كانت الحيثية التعليلية عين الحيثية التقييدية في المجردات الأمرية.
قلت: نعم، ولكن كمالات الوجود بما هو الوجود، كلها خارج المحمول، من غير فرق بين أنحاء الوجودات.
نعم، بالقياس إلى الحدود والماهيات محمولات بالضميمة، فالإرادة ذاتية للنفس، أي أن وجود النفس واجد لها بوجدانها أصل وجودها، لا أمر زائد عليها، كما في الصور الارتسامية والمعاني الوهمية، فإنها موجودة لها، زائدة على أصل