النحو من الإرادة في النفوس النبوية والعلوية " (1) انتهى.
فتحصل إلى هنا: أن جماعة اختاروا التفكيك بين الإرادتين (2).
وهذا المدقق النحرير وإن أشرف على التحقيق (3)، ولكنه لم يأت بجميع ما هو الحق، فذهب إلى اتحاد الإرادة التكوينية والتشريعية في المبدأ الأعلى والمبادئ العالية، بإنكار المقابلة. وهذا معناه اختياره الإرادة التشريعية في مقابل التكوينية في العرف والعقلاء والنفوس الجزئية المستفيدة.
والذي هو الحق: أن الإرادة التشريعية كالتكوينية من حيث المبادئ والأحكام، وإنما الاختلاف بينهما في المتعلق وبحسب المراد، ضرورة أن الإرادة من الأعيان الموجودة في أفق النفس، فتحتاج إلى العلة بالضرورة من غير فرق بينهما.
نعم، إذا أراد الانسان والفاعل المباشر شرب الماء، يتحرك نحوه بحركة عضلات اليد والرجل مثلا، وحركة الفم والازدراد، حتى يحصل الشرب.
وإذا رأى أن يتصدى خادمه لذلك، فلا يريد إلا ما هو في اختياره، أي لا يتمكن من إرادة شئ خارج عن اختيار المريد وهو صدور الفعل من المأمور به، لأنه أمر خارج عن حيطة سلطانه، بل هو يريد تحريكه وبعثه نحو إتيان الماء، وهذا أمر مقدور له، فيبعثه نحوه باستعمال الهيئات الموضوعة لذلك، فيتوسل بها إلى ما هو غرضه ومقصوده اللبي.
وعند ذلك يعلم، عدم الفرق بين الإرادة المتعلقة بتحريك الغير، وبين الإرادة المتعلقة بحركة نفسه نحو إتيان الماء، في الحكم، فتكون هاتان الإرادتان غير