الإرادة الأزلية القديمة (1). مع أنك أحطت مما تلوناه عليك: بأن الإشكال يتم تقريرا من غير مساس الحاجة إلى إرجاعها إلى إرادته تعالى.
فتحصل: أن الإرادة لما كانت من الموجودات الواقعية، فتحتاج في تحققها إلى العلة والمبادئ، فإن كانت من قبيل حرارة النار، فتحصل وتوجد من النفس قهرا وطبعا، فالنفس فاعلها بالطبع، وإن كانت من قبيل سائر الأفعال الاختيارية، فتحتاج النفس في إيجادها إلى المبادئ الوجودية، ومنها الإرادة فيتسلسل، والكل غير قابل للتصديق بالضرورة والوجدان، لأن معنى التسلسل عدم تحقق الإرادة رأسا، وهو واضح المنع، ووجه الضرورة في الأول أوضح.
وهذه الشبهة هي العويصة المعروفة التي قد جعلت الأفهام حيارى، والأفكار صرعى، فهرب كل منهم مهربا، وأتوا بأجوبة لا بأس بالإشارة إلى بعض منها، ومن الذين تصدوا وحاولوا الجواب عنها، المعلم العليم الحكيم المعظم، وفخر علماء بني آدم، السيد الماجد المير، محمد الداماد (قدس سره) فقال:
" هذا الشك مما لم يبلغني عن أحد من السابقين واللاحقين شئ في دفاعه.
والوجه في ذلك: أنه إذا انساقت العلل والأسباب المترتبة المتأدية بالإنسان إلى أن يتصور فعلا، ويعتقد فيه خيرا ما، انبعث إليه تشوق إليه لا محالة، فإذا تأكد هيجان الشوق، واستتم نصاب إجماعه، تم قوام الإرادة المستوجبة لاهتزاز العضلات والأعضاء الأدوية، فإن تلك الهيئة الإرادية حالة شوقية إجمالية للنفس، بحيث إذا قيست إلى الفعل نفسه، وكان هو الملتفت إليه بالذات، كانت هي شوقا إليه، وإرادة له.
وإذا قيست إلى إرادة الفعل، وكان الملتفت إليه هي نفسها، لا نفس الفعل، كانت