فتحصل: أن ما أورده عليه العلمان - عفي عنهما - في غير محله، وكلام السيد قابل للتأويل بالوجه القريب، ولكنه مع ذلك غير صحيح، لما عرفت منا، فلاحظ وتدبر جيدا.
فتحصل: أن السيد (قدس سره) في مقام قطع التسلسل، بدعوى أن في النفس خزانة الإرادة، لا بمعنى وجود الإرادات الطولية بالفعل، حتى يتوجه إليه إشكال تلميذه، بل بمعنى قوة خلاقة للإرادة، أو هي نفس الإرادة إذا لوحظت بالنسبة إلى الفعل الخارجي، وتلك القوة - وهي الشوق الأكيد - كافية في حصول الإرادة إذا لوحظت الإرادة نفسها.
والذي يتوجه إليه: أن بذلك ينقطع السلسلة، إلا أن تلك القوة أولا: ممنوعة.
وثانيا: التسلسل الذي يلزم لا يكون قابلا للدفع، لأن ما هو المقصود من " التسلسل " هو أن وصف الاختيار للفعل الاختياري، موقوف على كون إرادته موصوفة بالاختيار، ووصف هذه الإرادة موقوف على اتصاف إرادتها، فيتسلسل، لاحتياج المتأخر إلى المتقدم، فيلزم الخلف، لعدم إمكان اتصاف المتأخر إلا بعد انقطاع السلسلة، فإذا كان المتأخر موصوفا يعلم عدم التوقف، وهذا هو التناقض الذي يلزم من صحة التسلسل، فافهم واغتنم.
ومن الذين تصدوا لدفع الشبهة صاحب " الحكمة المتعالية " فقال: " المختار ما يكون فعله بإرادته، لا ما يكون إرادته بإرادته، وإلا لزم أن لا يكون إرادته تعالى عين ذاته، والقادر ما يكون بحيث إن أراد الفعل صدر عنه الفعل، وإلا فلا، لا ما يكون إن أراد الإرادة للفعل فعل، وإلا لم يفعل " (1) انتهى.
وبعبارة أتى بها المحقق الوالد - مد ظله - في رسالته: " إن الإرادة من الصفات الحقيقية ذات الإضافة، وزانها وزان سائر الصفات الكذائية، فكما أن المعلوم ما