نعم، لو أمكن الالتزام بالتشكيك في الوجوب المجعول الواحد بالوحدة الشخصية العددية، لكان الالتزام ببقاء المجعول في الاعتبار ممكنا. ولكنه بمعزل عن التحقيق، ولا يقول به إلا من هو أجنبي عن المباحث العقلية. هذا كله حسب الصناعة العقلية.
ولكنك أحطت خبرا فيما مضى، بأن الاعتباريات لا يأتيها الامتناع واللا امتناع إلا من قبل أمر واحد، وهو اللغوية، واللا لغوية، فإن محيط العقلاء محيط خارج عن مسألة الدور، والتسلسل، والتشكيك، وغير ذلك من العناوين المخصوصة بالعلوم العقلية، ولا يكون في وعاء الاعتبار شئ ممتنعا، إلا إذا كان اعتباره لغوا وبلا أثر. ولذلك قلنا بإمكان اعتبار المناقضة والمضادة، إذا كان فيه الأثر المقصود للعقلاء، كما يتصور المناقضة والمضادة في الحكم عليه بالامتناع.
فبالجملة: فيما نحن فيه لا معنى لامتناع نسخ الحكم، بعدما نجد توصيفه ب " الإلزام وعدمه " فإن هذا التوصيف دليل التجزئة.
وتوهم: أن وصف " الإلزام " من قبيل الأوصاف المنوعة، فلا يعقل نسخ الوصف، وبقاء الجنس أو الأمر الآخر المباين معه، في غير محله، لأنه من الخلط بين العقليات والاعتباريات، ضرورة أن بناء العقلاء على نفي الإلزام في عالم التشريع بالصراحة، فيقال في مقام الانشاء بعد الإيجاب: " نسخت لزوم الحكم المزبور " فإنه ينتقل العرف منه إلى بقاء أصل الحكم، وهو مساوق للندب وإن لم يكن عينه بحده.
ولعله إلى ذلك يرجع قول من يريد إبقاء الندب أو الجواز، بإثبات التركيب والتشكيك في الوجوب، وإن كان لا يحتاج إلى إعمال قاعدة التشكيك، حتى يتوجه إليه: أن المسألة ليست من صغرياتها.