ثبوتا (1)، وفي غيرها من صحته إثباتا (2)، من الغفلة قطعا.
فتحصل: أن الأمر الأول هيئته ومادته غير الأمر الثاني، فكيف يستند الأمر الثاني إلى الأمر الأول؟! هذا.
وتوهم: أن صحة عبادات الصبي، متقومة بكون الأمر بالأمر بشئ، أمرا بذلك الشئ (3)، فاسد، لأن في صحتها يكفي العلم بالغرض والطلب، فإذا ورد مثلا مخاطبا إلى الأولياء: " مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين " (4) فلا يكون هذا أمرا بالصلاة من جنابه (صلى الله عليه وآله وسلم) قطعا، ولكنه يستفاد منه عرفا أنه ذو غرض في ذلك، وطالب له، وإذا كان كذلك فيكون عباداته صحيحة، فلا ينبغي الخلط بين عنوان المسألة، وبين ما هو المستفاد من الدليل عرفا.
وأما احتمال كون المصلحة في أمر الأولياء فقط، أو في أمرهم والصلاة معا، فهو وإن كان ممكنا عقلا، إلا أنه بعيد عرفا.
وهذا نظير ما يستفاد من قوله تعالى: * (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * (5) فإنه لا يكون أمرا بالاتباع وترتيب الآثار بعد السؤال، ولكنه معلوم منه لزوم ترتيب الأثر، وأنه لا بد من صحة ما يترتب عليه من الآثار، فإذا سأل أهل الذكر عن شئ فقال: " افعل كذا " يجب تبعية أمره، لما فيه - حسب الآية - من المصلحة، ويكون صحيحا شرعا، من غير كونه أمرا من الله تعالى، أو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك الشئ.