الآخر عقلا وثبوتا، أم لا؟
لا شبهة عندنا في تعين الامتناع، من غير فرق بين كون الإرادة ذات مراتب، أو كون الوجوب ذا مراتب، بناء على تصوير الاشتداد والضعف في الأمور الاعتبارية، كما هو الحق، وذلك لأن معنى التشكيك، ليس بقاء الإرادة الضعيفة عند انتفاء الإرادة القوية والشديدة، لأن الإرادة القوية والضعيفة إرادتان، كوجود زيد، ووجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بخلاف مراتب السواد والبياض، فإن الاشتداد والضعف في مراتب الأعراض الحالة موجود.
ومما يدل على ذلك: وجدانك انتفاء الإرادة عند انتفاء المصلحة الملزمة، وحدوث الإرادة الأخرى، لا انتفاء شدة الإرادة، وبقاء الإرادة الضعيفة، كما توهمه الأصحاب هنا طرا، إلا من هو نحرير هذا الفن، وهو الوالد المحقق - مد ظله - (1).
ومما يدل عليه مضافا إليه: أن الإرادة معلولة النفس، وتتشخص بالمراد، وكيف يعقل انتفاء المراد وبقاء الإرادة؟! فلا يقاس العرض القائم بالمحل - كالسواد، والبياض - بالمعاليل الصادرة عن النفس، كالعلم، والإرادة.
ثم إن اعتبار الاشتداد والضعف في الاعتباريات، لا يستلزم التشكيك في الوجوب الذي هو أمر بسيط. وتعريفه بالعناوين المختلفة المتكثرة - كتعريف البسائط - لا يستلزم تركبه الواقعي، وتشكيكه الخاصي في كل مرتبة، فإنه يستلزم انتفاء ذات المشكك أصلا كما هو المحرر في محله ومقامه، فافهم واغتنم.
فما ترى في كتب جمع: " من أن القول بإمكان بقاء الجواز وعدمه، والاستحباب وعدمه، تابع للقول بالتشكيك في مفهوم الوجوب والاعتباريات " (2) في غير محله، لأن الالتزام بالتشكيك - لا في الإرادة، ولا في الوجوب - لا ينتج ذلك.