والنهي أيضا كذلك.
ولو قيل: إن الطبيعة المبعوث إليها، قابلة للوجود في الذهن والخارج، فلو كان مراد المولى ومطلوبه، نفسها الأعم من الوجود في النشأتين، يلزم كفاية تصورها الذهني في سقوط الأمر.
وإن كان المراد وجودها الخارجي، فيختلف متعلق الأمر والمطلوب الحقيقي، فإن الأول هي الماهية، والثاني وجودها الخارجي، وهو خلاف الظاهر من الدليل الناطق: بأن المطلوب ما تعلق به الأمر والبعث من حيث هو هو، فعليه لا بد من التصرف فيما تعلق به الأمر، وجعل المتعلق وجودها الخارجي بمفهومه الاسمي مثلا، كما يأتي (1).
هذا مع أن الطبيعة من حيث هي وإن كانت قابلة لتعلق الطلب بها، فتصير مطلوبة بالأمر الزائد على ذاتها، ولكنها خالية من الصلاح والفساد، فكيف يتعلق بها الأمر والنهي؟! فعليه يكون ما هو المتعلق في مرحلة الانشاء والإثبات، غير ما هو المطلوب والمقصود في مرحلة الثبوت والإرادة.
أقول: قضية ما تحرر منا في تحرير محل النزاع، أن المراد من متعلق الأمر، ليس إلا ما تعلقت به الهيئة في مقام الانشاء، لعدم إمكان تعلق الأمر بشئ في مقام الثبوت، لأنه ليس من الأمور التي كانت له مرحلتان: مرحلة الثبوت، والإثبات، بل هو منحصر بمرحلة واحدة، وهي الإثبات، فلا يعقل في مثل " صل " و " اضرب " إلا أن يتعلق الهيئة بالمفهوم الكلي، والأمر الاعتباري والطبيعي، ولو شاء الآمر أن يتعلق أمره بشئ آخر غير ذلك، فعليه أن ينشئ بوجه آخر، كما مضى سبيله.
ولكن كون المطلوب الواقعي والمراد الحقيقي أمرا آخرا - وهو وجودها الخارجي بعنوانه - لا يستلزم الانقلاب في متعلق الأمر، لعدم فائدة في هذا