وأما حل الشبهة المشار إليها، فهو من طريقين:
الطريق الأول: ما مر منا في مباحث الطلب والإرادة: من أن استحقاق العقوبة، لا يتوقف على الأمر بداعي الانبعاث، ولا على غيره من الأوامر الامتحانية أو الإعذارية (1)، فإن عدم ترشح الإرادة الجدية من قبل المولى تارة: يكون لأجل عدم المقتضي في المتعلق، أو لوجود المانع.
وأخرى: يكون لأجل علمه بعدم قيام المكلف بالوظيفة، فإنه عند ذلك يستحق العقوبة عند العقلاء بالضرورة، لأن المكلف عارف بغرض المولى قهرا، فلا بد من القيام على طبقه، فلا يلزم من امتناع أمر الآمر عند فقد شرطه، عدم استحقاقه العقوبة.
الطريق الثاني: ما سلكه الوالد المحقق - مد ظله -: من أن الخطابات القانونية لا تنحل إلى خطابات عديدة، حتى يلزم مراعاة شرط الخطاب الشخصي في تلك الخطابات طرا، وذلك الشرط هو احتمال الانبعاث، والمكلف العاصي والعاجز والجاهل، غير مخاطبين بالخطاب الجدي قطعا، بل الخطابات القانونية لا تنحل إلى الكثير، فيكون الخطاب واحدا، والمخاطب كثيرا.
فإن كان جميع المخاطبين فاقدين لقابلية التأثير، فهو خطاب لغو، غير ممكن ترشح الجد على طبقه.
وإن كانوا مختلفين كما هو المتعارف، فإرادة الجد مترشحة على العنوان الكلي المنطبق، ولا يكون لأحد عذر عند العلم والقدرة، فيكون الحكم بالنسبة إلى العصاة جديا مع فقد شرطه، فترتفع الشبهة، وتصير النتيجة إمكان أمر الآمر مع العلم