فتحصل: أن الجهة المبحوث عنها هنا، هي أن متعلق الأمر والنهي ماذا؟ وهو تابع لما جعله المتكلم موردهما ومصبهما، ولا يعقل الانقلاب في مقام الإثبات، فلا وجه لهذا النزاع.
نعم، هنا نزاع آخر: وهو أن المطلوب الأصلي، وما يتعلق به الشوق، هل هو ما تعلق به الأمر والنهي ظاهرا، أم هو أمر آخر من الوجود والفرد؟ فافهم واغتنم.
ثم إن توهم كون النزاع عقليا، في غاية السقوط، ضرورة أن المسائل العقلية المشار إليها، بعيدة عن أذهان المحققين، فضلا عن غيرهم.
نعم، فيما جعلناه مطرحا للبحث يمكن، دعوى: أن المطلوب هو الوجود ارتكازا، وهذا من الشواهد على أصالة الوجود، كما يأتي (1).
وأما توهم: أن النزاع لغوي، فهو أفحش، ضرورة أن المتبادر من المادة ليس إلا نفس الطبيعة، والهيئة ليست إلا لأحد الأمور المشار إليها، من البعث، والتحريك، والطلب، وإيقاع النسبة، من غير إشراب الوجود فيها. ولذلك ترى أن المرتكز العقلائي في شرح قولنا: " اضرب زيدا " هو أطلب وجود الضرب، أو إيجاده، أو أبعث إلى الإيجاد وهكذا، فيكون الوجود داخلا في المتعلق، مع أن الضرورة قاضية بعدم اشتمال الطبيعة على الوجود، فهذا التفسير ناشئ من المطلوب النفساني، دون الطلب الانشائي، فلا تخلط.
إذا عرفت ذلك، وأحطت خبرا بضعف ما قيل أو يقال في المقام، وتخليط الأعلام بين مقام الثبوت والإثبات، فلا بد من الإشارة إلى شبهة عقلية في المسألة على جميع التقادير، ولعلها أورثت ذهاب جمع غفير إلى صرف الظهور في مقام