النسبة (1)، أو للطلب الفارغ عن قيد الوجود والعدم (2)، فإذا تعلقت الهيئة بالمادة، ولم يكن هناك وضع على حدة، فمن أين جاء مفهوم الوجود في الأوامر، ومفهوم العدم في النواهي؟!
وأما إرجاع البحث من مقام الانشاء والاستعمال، إلى مقام الإرادة والطلب النفساني (3)، فهو في غاية الفساد، لأن ما هو متعلق الأمر في مقام الإثبات، لا يمكن أن ينقلب إلى أمر آخر، فما هو المأمور به، ليس إلا الطبيعة بحسب مقام الانشاء.
ولو اقتضى البرهان أن المقصود الأصلي أمر آخر غيرها، ويكون من لوازمها، فهو لا يستدعي تعلق الأمر به في مقام الجعل قطعا.
وبعبارة أخرى: الخلط بين متعلق الأوامر والنواهي، وبين ما هو المطلوب الذاتي والمقصود الأصلي، أحدث هذه الغائلة بين أربابها وأصحابها، وإلا فالأمر هو الهيئة، ومتعلقها هي المادة، ولا شئ وراء هذين الأمرين، فما وجه هذا التشاح، والنزاع الطويل ذيله، والعديم نفعه؟!
وهكذا توهم: أن متعلق الأمر هو الفرد بمفهومه وعنوانه، لا بواقعيته وخارجيته، فإنه لا يكون متعلق الأمر، ولا ذاك أيضا، لأن الطبيعة لا تكون حاكية إلا عن معناها.
نعم، للآمر أن يبعث تارة: إلى وجود الطبيعة، فيقول: " أوجد الضرب " وأخرى: إلى فرده فيقول: " أوجد فردا من الضرب " بإلغاء خصوصية الوجود الملحوظ مع الهيئة، وثالثة: إلى الطبيعة نفسها فقط.