كتاب " المطول في البلاغة " فقال للملك - وهو يريد أن ينبهه إلى خطئه في الاضطهاد الطائفي والفتك بمن يخالفهم في المذهب - لو لم يقتل لأمكن أن يتم عليه بالحجج والبراهين حقيقة مذهب الإمامية ويذعن بإلزامه جميع بلاد ما وراء النهر وخراسان (1).
انتقل المحقق الكركي إلى إيران بصحبة الشاه واستغل هذه الفرصة أفضل استغلال، ونشط في تكريس ونشر فقه أهل البيت عليهم السلام في إيران، وتولى تعيين العلماء وأئمة الجماعة والقضاة في أطراف البلاد بصورة منظمة.
وإذا صح أن الشهيد الأول محمد بن مكي رحمه الله كان أول من مارس تنظيم ارتباط العلماء بالمرجعية وجباية الحوق الشرعية بصورة منظمة، فقد كان المحقق الكركي أول من مارس هذه النظرية في النظم بصورة ميدانية وواسعة في الدولة الصفوية، مستفيدا من إمكانات النظام والدعم السياسي والمالي الذي كان يتلقاه من قبل الدولة.
وقد استطاع المحقق الكركي أن يقنع جمعا من زملائه وأصدقائه وتلاميذه في جبل عامل للهجرة إلى إيران والإفادة من هذه الفرصة السانحة لنشر وتكريس فقه أهل البيت عليهم السلام وبسط نفوذ الفقهاء في هذه الدولة الفتية.
ويبدو أن المحقق الكركي استطاع أن يحقق خلال هذه الفترة أهدافه بصورة جيدة، ونجح في بسط نفوذ المؤسسة الفقهية إلى حد بعيد، مما جعل البلاط الملكي يتضايق منه بصورة أو بأخرى، وقد أدى ذلك فعلا إلى برود ملحوظ في علاقة المحقق الكركي ببعض أجنحة البلاط، فآثر المحقق أن يغادر إيران إلى العراق، ويعود إلى النجف مرة أخرى ليعاود نشاطه الفقهي في هذه المدينة المقدسة بجوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام.
وقد مكث المحقق لقرابة ست سنوات في النجف توفي خلالها الشاه